وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك قولا ما ينبغي لقائل أن يزهد في فضل الله تعالى عليه أن تأمله وعمل عليه، قيل: يا رسول الله هلك فلان يعمل من الذنوب كيت وكيت، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): بل قد نجا ولا يختم الله تعالى عمله إلا بالحسنى وسيمحو الله عنه السيئات ويبدلها من حسنات انه كان يمر مرة في طريق عرض له مؤمن قد انكشفت عورته وهو لا يشعر فسترها عليه ولم يخبره بها مخافة أن يخجل، ثم إن ذلك المؤمن عرفه في مهواه، فقال له: أجزل الله لك الثواب وأكرم لك المآب ولا ناقشك في الحساب، فاستجاب الله له فيه، فهذا العبد لا يختم له إلا بخير بدعاء ذلك المؤمن، فاتصل قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا الرجل فتاب وأناب وأقبل على طاعة الله عز وجل فلم يأت عليه سبعة أيام حتى أغير على سرح (1) المدينة فوجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أثرهم جماعة ذلك الرجل أحدهم فاستشهد فيهم.
قال الإمام محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام): وأعظم الله تبارك وتعالى البركة في البلاد بدعاء الرضا (عليه السلام) وقد كان للمأمون من يريد أن يكون هو ولي عهده من دون الرضا (عليه السلام) وحساد كانوا بحضرة المأمون للرضا (عليه السلام) فقال للمأمون بعض اولئك: يا أمير المؤمنين أعيذك بالله أن تكون تاريخ الخلفاء في إخراجك هذا الشرف العميم والفخر العظيم من بيت ولد العباس إلى بيت ولد علي، لقد أعنت على نفسك وأهلك، جئت بهذا الساحر ولد السحرة وقد كان خاملا فأظهرته ومتضعا فرفعته ومنسيا فذكرت به ومستخفا فنوهت به، قد ملأ الدنيا مخرقة وتشوقا بهذا المطر الوارد عند دعائه، ما أخوفني أن يخرج هذا الرجل هذا الأمر عن ولد العباس إلى ولد علي! بل ما أخوفني أن يتوصل بسحره إلى إزالة نعمتك والتواثب على مملكتك! هل جنى أحد على نفسه وملكه مثل جنايتك؟
فقال المأمون: قد كان هذا الرجل مستترا عنا يدعو إلى نفسه فأردنا أن نجعله ولي