وعملت فيه الأرض والخشب والحديد والبهائم والنار والحطب والملح وما لا أحصيه أكثر، فكيف لك أن تقوم بهذا الشكر؟ فقال أبو ذر: إلى الله أتوب وأستغفر إليه مما أحدثت وإليك أعتذر مما كرهت.
قال: ودعا سلمان أبا ذر (رحمه الله) ذات يوم إلى ضيافة فقدم اليه من جرابه كسرة يابسة وبلها من ركوته، فقال أبو ذر: ما أطيب هذا الخبز لو كان معه ملح، فقام سلمان وخرج ورهن ركوته بملح وحمله إليه، فجعل أبو ذر يأكل ذلك الخبز ويذر عليه الملح ويقول: الحمد لله الذي رزقنا هذا القناعة، فقال سلمان: لو كانت قناعة لم تكن ركوتي مرهونة (1).
الجراب ككتاب يقال له بالفارسية «انبان». الركوة: اناء صغير من جلد يشرب فيه الماء.
[620] 3 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: كتب إلى الحارث الهمذاني:... واحذر كل عمل يعمل به في السر ويستحى منه في العلانية، واحذر كل عمل إذا سئل عنه صاحبه أنكره أو اعتذر منه، ولا تجعل عرضك غرضا لنبال القول ولا تحدث الناس بكل ما سمعت به فكفى بذلك كذبا، ولا ترد على الناس كل ما حدثوك به فكفى بذلك جهلا... (2).
[621] 4 - الطوسي، عن المفيد، عن الجعابي، عن الشيخ الصالح عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ياسين قال: سمعت العبد الصالح علي بن محمد بن علي الرضا بسر من رأى يذكر عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): العلم ورثة كريمة، والآداب حلل حسان، والفكرة مرآة صافية، والاعتذار منذر ناصح، وكفى بك تركك ما كرهته من غيرك (3).