ثم أقبل (عليه السلام) على الشيخ فقال: يا شيخ إن الله عز وجل خلق خلقا ضيق الدنيا عليهم نضرا لهم فزهدهم فيها وفي حطامها، فرغبوا في دار السلام الذي دعاهم إليه وصبروا على ضيق المعيشة وصبروا على المكروه، واشتاقوا إلى ما عند الله عز وجل من الكرامة فبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله عز وجل وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة فلقوا الله عز وجل وهو عنهم راض، وعلموا أن الموت سبيل من مضى ومن بقي، فتزودوا لآخرتهم غير الذهب والفضة، ولبسوا الخشن، وصبروا على البلوى، وقدموا الفضل، وأحبوا في الله وأبغضوا في الله عز وجل اولئك المصابيح وأهل النعيم في الآخرة والسلام.
قال الشيخ: فأين أذهب وأدع الجنة وأنا أراها وأرى أهلها معك يا أمير المؤمنين؟ جهزني بقوة أتقوى بها على عدوك، فأعطاه أمير المؤمنين (عليه السلام) سلاحا وحمله فكان في الحرب بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) يضرب قدما قدما وأمير المؤمنين (عليه السلام) يعجب مما يصنع، فلما اشتدت الحرب أقدم فرسه حتى قتل رحمة الله عليه، وأتبعه رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) فوجده صريعا ووجد دابته ووجد سيفه في ذراعه، فلما انقضت الحرب أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) بدابته وسلاحه وصلى عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال هذا والله السعيد حقا فترحموا على أخيكم (1).
[613] 5 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في خطبة له (عليه السلام): قد طلع طالع ولمع لامع ولاح لائح واعتدل مائل، واستبدل الله بقوم قوما وبيوم يوما، وانتظرنا الغير انتظار المجدب المطر، وإنما الأئمة قوام الله على خلقه وعرفاؤه على عباده، ولا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه، وأن الله تعالى خصكم بالإسلام واستخلصكم له وذلك لأنه اسم سلامة وجماع كرامة، اصطفى الله تعالى منهجه وبين حججه من ظاهر علم وباطن حكم، لا تفنى غرائبه ولا تنقضي عجائبه، فيه مرابيع النعم ومصابيح الظلم، لا تفتح الخيرات إلا بمفاتيحه، ولا تكشف