فقال معاوية: زدني من صفته، فقال ضرار: رحم الله عليا، كان والله طويل السهاد قليل الرقاد، يتلو كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار ويجود لله بمهجته ويبوء اليه بعبرته، لا تغلق له الستور ولا يدخر عنا البدور، ولا يستلين الاتكاء ولا يستخشن الجفاء، ولو رأيته إذ مثل في محرابه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قابض على لحيته يتملل تململ السليم ويبكي بكاء الحزين وهو يقول: يا دنيا إلي تعرضت أم إلي تشوقت، هيهات هيهات لا حاجة لي فيك، أبنتك ثلاثا لا رجعة لي عليك، ثم واه واه لبعد السفر وقلة الزاد وخشونة الطريق، قال: فبكى معاوية وقال: حسبك يا ضرار كذلك كان والله علي، رحم الله أبا الحسن (1).
[77] 8 - المفيد رفعه إلى الصادق (عليه السلام) انه قال: من صار إلى أخيه المؤمن في حاجة أو مسلما فحجبه لم يزل في لعنة الله إلى أن حضرته الوفاة (2).
[78] 9 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كتب في عهده إلى الأشتر النخعي:... وأما بعد فلا تطولن احتجابك عن رعيتك فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق وقلة علم بالامور، والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه، فيصغر عندهم الكبير ويعظم الصغير ويقبح الحسن ويحسن القبيح ويشاب الحق بالباطل، وإنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الامور، وليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب، وإنما أنت أحد رجلين: إما امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق ففيم احتجابك من واجب حق تعطيه؟ أو فعل كريم تسديه؟ أو مبتلى بالمنع فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك، مع أن أكثر حاجات الناس إليك مما لا مؤونة فيه عليك من شكاة مظلمة أو طلب انصاف في معاملة (3).