وصدق الله وعده حيث قال تعالى مخاطبا نبيه: " إنا أعطيناك الكوثر " أي الذرية الطيبة من ولد علي وفاطمة عليهما السلام (1).
هكذا أصبحت الكوفة مرتعا للصحابة والتابعين، وأهل البيت بالخصوص، والعلماء منهم والفقهاء والمحدثين والنحاة والشعراء والأدباء، فهي بالإضافة إلى كونها مركزا سياسيا وعسكريا بحكم انتقال عاصمة الدولة الاسلامية إليها، فهي أيضا تعد مركزا مهما من مراكز العلم والعلماء والتشيع طيلة الحكم الأموي والعباسي حتى القرون الوسطى، لكن نشاطها العلمي برز جليا في القرن الأول والثاني والثالث الهجري، وبالخصوص فترة إمامة الصادق عليه السلام، وأن مسجد الكوفة كان يعج بالعلماء والفقهاء والمحدثين، كلهم يقول: حدثني جعفر بن محمد عليهما السلام، وأن كتب السيرة والتراجم قد أحصت من تلامذة الإمام الصادق عليه السلام الثقات والرواة عنه، على - اختلافهم في المقالات والاتجاهات - أربعة آلاف رجل (2).
وقال الحسن بن علي البجلي المعروف بالوشاء: " إني أدركت في هذا المسجد - مسجد الكوفة - تسعمائة شيخ، كل يقول: حدثني جعفر بن محمد عليهما السلام " (3).
وقد أفرد أبو العباس أحمد بن عقدة كتابا في الآخذين عن الإمام الصادق عليه السلام سماه: " كتاب رجال من روى عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام ".
كما أحصاهم شيخ الطائفة الطوسي - قدس سره - في رجاله، في باب أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام.
وقد صنف هؤلاء من أحاديث الشيعة المروية عنه عليه السلام أربعمائة كتاب،