وكم ظباء رعيها ألحاظها * أسرع في الأنفس من حد الظبي أسرع من حرف إلى جر ومن * حب إلى حبة قلب وحشى قضاعة من ملك بن حمير * ما بعده للمرتقين مرتقا وقال أبو علي في (نشوار المحاضرة): إن ما ضاع من شعره أكثر مما حفظ. ا ه غير أن هذه الكتب قد عصفت عليها عواصف الضياع كما أن التصدي لمنصب القضاء عاقه الاكثار عن التآليف على قدر غزارة علمه.
مذهبه من العويص جدا البحث والتنقيب عن مذهب من نشأ في مثل القرن الثالث والرابع عصر التحزب للآراء والنزعات، عصر تشتت الاعتقادات، عصر تكثر النحل، وتوفر الدواعي على انتحال الرجل لما يخالف عقده القلبي، وتظاهره بما لا يظهره سر جنانه، وقد قضت الأيام، ومرت الأعوام على آثارهم، ونتايج أفكارهم مما كان يمكننا منه استظهار المعتقدات، وحكم الدهر على منشور فلتات ألسن كانت تعرب عن مكنون الضماير، وتقرأ علينا دروس الحقيقة من جانب مذهب الغابرين.
واضطراب كلمات أرباب المعاجم حول مذهب شاعرنا التنوخي وولده أبي علي منذ عهدهم إلى اليوم ينم عن أنهم كانوا يخفون مختارهم من المذهب، وكانوا يظهرون في كل صقع وناحية نزلوا ما يلايم مذهب أهليها، فقال الخطيب البغدادي في تاريخه، والسمعاني في أنسابه، وابن كثير في تاريخه، وصاحب شذرات الذهب، والسيد العباسي في المعاهد، وشيخنا أبو الحسن الشريف في ضياء العالمين: إن المترجم تفقه على مذهب أبي حنيفة. ونص اليافعي في مرآة الجنان، والذهبي في ميزان الاعتدال، والسيوطي في البغية، وأبو الحسنات في الفوائد البهية، بأنه حنفي المذهب. وقال الخطيب البغدادي في تاريخه، والسمعاني في أنسابه: إنه كان يعرف الكلام في الأصول على مذهب المعتزلة، وفي كامل ابن الأثير: كان عالما بأصول المعتزلة. وفي لسان الميزان: إنه يرمى بالاعتزال، وعده سيدنا القاضي في مجالس المؤمنين من قضاة الشيعة، وبذلك نص صاحب مطلع البدور، ونقل صاحب نسمة السحر عن المسوري اليمني: إنه كان معتزلي