وقال أبو علي أيضا: حفظني أبي وحفظت بعده من شعره أبي تمام والبحتري سوى ما كنت أحفظ لغيرهما من المحدثين والقدماء مائتي قصيدة قال: وكان أبي وشيوخنا بالشام يقولون: من حفظ للطائيين أربعين قصيدة ولم يقل الشعر فهو حمار في مسلاخ إنسان، فقلت الشعر وسني دون العشرين، وبدأت بعمل مقصورتي التي أولها:
لولا التناهي لم أطع نهي النهى * أي مدى يطلب من حاز المدى وقال أبو علي: كان أبي يحفظ للطائيين سبعمائة قصيدة ومقطوعة سوى ما يحفظ لغيرهم من المحدثين والمخضرمين والجاهليين، ولقد رأيت له دفترا بخطه هو عندي يحتوي على رؤس ما يحفظه من القصايد مأتين وثلاثين ورقة أثمان منصوري لطاف، وكان يحفظ من النحو واللغة شيئا عظيما من ذلك [إلى أن قال]: وكان مع ذلك يحفظ ويجيب فيما يفوق عشرين ألف حديث، وما رأيت أحدا أحفظ منه، ولولا أن حفظه افترق في جميع هذه العلوم لكان أمرا هائلا.
تآليفه إن تضلع المترجم في العلوم الجمة، وشهرته الطايلة في جل الفنون النقلية والعقلية والرياضية، وتجوله في الأقطار والأمصار، تستدعي وجود تآليف له قيمة، كما قال ولده أبو علي: إن له في علم العروض والفقه وغيرهما عدة كتب مصنفة، وقال الحموي: إن له تصانيف في الأدب منها: كتاب في العروض، قال الخالع: ما عمل في العروض أجود منه. وكتاب علم القوافي. وذكر السمعاني واليافعي وابن حجر وصاحب الشذرات له ديوان شعر، واختار منه الثعالبي ما ذكر من شعره، وسمعت فيما يتبع شعره في (الغدير) نقل الحموي عن ديوانه بائيته كغيرها، وذكر المسعودي له قصيدته [المقصورة] التي عارض بها ابن دريد يمدح فيها تنوخ وقومه من قضاعة أولها:
لولا انتهائي لم أطع نهي النهى * مدى الصبا نطلب من حاز المدى إن كنت أقصرت فما أقصر قلب * داميا ترميه ألحاظ الدمى ومقلة إن مقلت أهل الفضا * أغضت وفي أجفانها جمر الغضا وفيها يقول: