هذا التحكم البات والفتوى المجردة.
والعجب أنه يرى أن الأمة إذا وقعت حادثة يري الله لواحد منها الحكم و صواب الجواب، وأنها ورثت نبيها، ورشدت ببركة الرسالة وبها وبكتابها ما تلت نبيها في العصمة، وإنها معصومة بعقلها العاصم، فما بال الأئمة [علي وأولاد علي] لا يكون من أولئك الآحاد الذين يريهم الله الحق والصواب؟! وما بالهم قصروا عن الوراثة المزعومة؟! وليس لهم شركة في علم الأمة؟ ولم تشملهم بركة الرسالة وكتابها؟
ولا يماثلون النبي في العصمة؟ ولا يوجد عندهم عقل عاصم؟ وأعجب من هذه كلها هتاف الله بعصمتهم في كتابه العزيز، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟ أم على قلوب أقفالها؟.
ولعلي يسعني أن أقول بأن النبي صلى الله عليه وآله كان أبصر وأعرف بأمته من صاحب هذه الفتاوى المجردة، وأعلم بمقادير علومهم وبصائرهم، فهو بعد ذلك كله خلف لهداية أمته من بعده الثقلين: كتاب الله وعترته [ويريد الأئمة منهم] وقال: ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فحصر الهداية بالتمسك بهما واقتصاص آثارهما إلى غاية الأمد يفيدنا أن عندهما من العلوم والمعارف ما تقصر عنها الأمة، وإنه ليس في حيز الامكان أن تبلغ الأمة وهي غير معصومة من الخطأ ولم تكشف لها حجب الغيب مبلغا يستغنى به عمن يرشدها في مواقف الحيرة.
فأئمة العترة أعدال الكتاب في العلم والهداية بهذا النص الأغر، وهم مفسروه والواقفون على مغازيه ورموزه، ولو كانت الأمة أو أن فيها من يضاهيهم في العلم والبصيرة فضلا عن أن يكون أعلم بكثير منهم لكان هذا النص الصريح مجازفة في القول لا سيما وأن الهتاف به كان له مشاهد ومواقف منها مشهد (يوم الغدير) وقد ألقاه صاحب الرسالة على مائة ألف أو يزيدون، وهو أكبر مجتمع للمسلمين على العهد النبوي، هنالك نعى نفسه وهو يرى أمته [وحقا ما يرى] قاصرة (ولن تزل قاصرة) عن درك مغازي الشريعة فيجبره ذلك بتعيين الخليفة من بعده.
وهذا الحديث من الثابت المتواتر الذي لا يعترض صدوره أي ريب، وللعلامة السمهودي كلام حول هذا الحديث أسلفناه ص 80. وكان يرى صلى الله عليه وآله مسيس حاجة