لأن من زار مشهد لا شك أكثر قدسية واحتراما ممن زار مكة.
ج - اللهم ما أجرأ هذا (الكذبان) على المفتريات التي لم تطرق سمع أحد من الشيعة ولا وقع عليها نظر أي منهم ولو في أسطورة كاذبة حتى وجدها في كتاب هذا المائن، وليس في الشيعة أحد يعتقد في خراسان غير أنه مرقد خليفة من خلفاء رسول الله، ومثوى إمام من أئمتهم، ولذلك عاد مهبطا للفيوض الإلهية، وأما القول بإغنائه عن البيت الحرام وإن زيارته مسقطة للحج فبهتان عظيم، والشاه الصفوي المغفور له لم يتخذه كعبة ولا قصد زيارته ماشيا إلا للتزلف إلى المولى سبحانه بزيارة ولي من أوليائه، والتوسل إليه بخليفة من خلفائه، ولم يصرف قومه عن الحج لذلك، ولم يأت برأي جديد يضاد رأي الشيعة من أول يومهم، والشيعة إنما تقصد زيارته بداعي الولاء للعترة الطاهرة الذي هو أجر الرسالة، ورغبة في المثوبات الجزيلة المأثورة عن أئمتهم عليهم السلام.
ولم يكن الشاه ولا شعبه الإيرانيون بالدين يشحون على الأموال دون الفرايض التي من أعظمها الحج إلى الكعبة المعظمة، ولا يرون لهذه الفريضة أي بدل من زيارة أو عبادة، وهذه الحقب والأعوام تشهد لآلاف مؤلفة من الإيرانيين الذين كانوا يحجون البيت في كل عام.
نعم: في السنين الأخيرة قل عددهم لما هنالك من عدم الطمأنينة على الأحكام والدماء، فالشيعي يرى أن أغلب الحجاج غير متمكنين من أداء المناسك كما ينبغي، وغير آمنين على دمائهم بأدنى فرية يفتريها عدو من أعداء الله، ويشهد عليها آخرون أمثاله، فيحكم على إراقة دمه قاض بالجور.
وإن ننس لا ننسى ما جرى في سنة 1362 ه من إزهاق حاج مسلم إيراني (يسمى طالب) بين الصفي والمروة ببهتان عظيم، وهو يتشهد الشهادتين وقد حج البيت واعتمر وأتى بالفرايض كلها، فقتل مظلوما ولا مانع ولا وازع ولا زاجر ولا مدافع، ودع عنك ما يلاقي الشيعة بأسرها عراقيين وإيرانيين من هتك وهوان والخطاب بمثل قول الحجازي إياهم: يا كافر، يا مشرك. وأمثالهما من الكلم القارصة، وتحري الحجج التافهة لهذه المخازي كلها ولإراقة دمائهم، فمن هنا خارت العزائم، وقلت الرغبات، ومنعت الحكومة الإيرانية