فطلبني وأخافني، فمكثت مستترا خائفا، ثم قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة، واعتصمت السبت هنالك للدعاء والمسألة، وكانت ليلة ريح ومطر، فسئلت أبا جعفر القيم ان يغلق الأبواب، وان يجتهد في خلوة الموضع لا خلو بما أريد من الدعاء والمسألة، وآمن من دخولي انسان مما لم آمنه، وخفت من لقائي له، ففعل وقفل الأبواب، وانتصف الليل، وورد من الريح والمطر ما قطع الناس عن الموضوع، ومكثت أدعو وأزور وأصلي، فبينما انا كذلك إذا سمعت وطئا عند مولانا موسى عليه السلام، وإذا رجل يزور، فسلم على آدم وأولو العزم عليهم السلام، ثم الأئمة واحدا واحدا إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان، فلم يذكره فعجبت من ذلك، وقلت لعله نسي، أو لم يعرف أو هذا مذهب لهذا الرجل، فلما فرغ من زيارته صلى ركعتين، واقبل إلى عند مولانا أبى جعفر عليه السلام فزار مثل تلك الزيارة، وذلك السلام، وصلى ركعتين وانا خائف منه إذ لم اعرفه، ورأيته شابا تاما من الرجال، عليه ثياب بيض وعمامة محنك بها بذؤابة، وردائه على كتفه مسبل، فقال لي: يا أبا الحسين ابن أبي البغل! أين أنت عن دعاء الفرج، فقلت وما هو يا سيدي؟ فقال: تصلى ركعتين، وتقول: يا من اظهر الجميل، وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة، ولم يهتك الستر، يا عظيم المن، يا كريم الصفح، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا منتهى كل نجوى، ويا غاية كل شكوى، يا عون كل مستعين، يا مبتدأ بالنعم قبل استحقاقها، يا رباه عشر مرات، يا سيداه عشر مرات، يا مولاه عشر مرات، يا غايتاه عشر مرات، يا منتهى رغبتاه عشر مرات، أسئلك بحق هذه الأسماء، وبحق محمد وآله الطاهرين عليهم السلام، الا ما كشفت كربي، ونفست همى، وفرجت غمي، وأصلحت حالي، وتدعوا بعد ذلك ما شئت، وتسئل حاجتك، ثم تضع خدك الأيمن على الأرض، وتقول مأة مرة في سجودك: يا محمد يا علي، يا علي يا محمد، اكفياني فإنكما كافياي، وانصراني فإنكما ناصراي، وتضع خدك الأيسر على الأرض، وتقول مأة مرة:
أدركني، وتكررها كثيرا، وتقول: الغوث الغوث الغوث، حتى ينقطع النفس،