في يومكم هذا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال! قال:
وما قال؟ قال: ألم يكن المسلمون ينقلون في بناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين فغشي عليه، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح التراب عن وجهه ويقول: ويحك يا بن سمية! الناس ينقلون لبنة لبنة وأنت تنقل لبنتين لبنتين رغبة في الآجر وأنت مع ذلك تقتلك الفئة الباغية؟؟ فقال عمرو لمعوية: أما تسمع ما يقول؟ قال: وما يقول؟ فأخبره فقال معاوية: أنحن قتلناه؟! إنما قتله من جاء به! فخرج الناس من فساطيطهم وأخبيتهم يقولون: إنما قتل عمارا من جاء به، فلا أدري من كان أعجب أهو أم هم؟! ".
وقال محيي الدين ابن عربي الأندلسي في تفسيره: " وإن طائفتان من المؤمنين " إلي آخره، الاقتتان لا يكون إلا للميل إلى الدنيا والركون إلى الهوى والانجذاب إلى الجهة السفلية والتوجه إلى المطالب الجزئية، والاصلاح إنما يكون من لزوم العدالة في النفس التي هي ظل المحبة التي هي ظل الوحدة، فلذلك أمر المؤمنون الموحدون بالاصلاح بينهما على تقدير بغيهما، والقتال مع الباغية على تقدير بغي إحداهما حتى ترجع لكون الباغية مضادة للحق دافعة له، كما خرج عمار رضي الله عنه مع كبره وشيخوخته في قتال أصحاب معاوية ليعلم بذلك أنهم الفئة الباغية ".
وقال سبط ابن الجوزي: " وحكى ابن سعد في " الطبقات " عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال لأبيه: قتلتم عمارا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول له: تقتلك الفئة الباغية!؟ فسمعه معاوية فقال: لأنك شيخ أخرق ما تزال تأتينا بهنة تدحض بها في بولك! أنحن قتلناه؟! إنما قتله الذي أخرجه وفي رواية: فبلغ ذلك عليا فقال: ونحن قتلنا حمزة لأنا أخرجناه إلى أحد.