ابن ياسر وأبو الهيثم بن التيهان نقيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهما. روي أن الحرث بن باقور أخاذي الكلاع برز إلى عمار وضربه عمار فصرعه وكان من برز إليه قتله فينشد:
نحن ضربناكم على تنزيله * واليوم نضربكم على تأويله ضربا يزيل الهام عن مقيله * وبذهل الخليل عن خليله أو يرجع الحق إلى سبيله!
واستسقى عمار فأتى بلبن في قدح فلما رآه كبر ثم شربه وقال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لي: آخر زادك من الدنيا ضياح من لبن، ويقتلك الفئة الباغية! فهذا آخر أيامي من الدنيا ثم حمل وأحاط به أهل الشام واعترضه أبو الغادية الفزاري وابن جوفي السكسكي، فأما أبو الغادية فطعنه وأما ابن جوفي فاجتز رأسه الشريف، وقد كان ذو الكلاع سمع عمرو بن العاص يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمار بن ياسر: يا بن سمية! تقتلك الفئة الباغية. قال ذو الكلاع، وتحت أمره ستون ألفا من الفرسان يقول لعمرو بن العاص: ويحك أنحن الفئة الباغية؟! وكان في شك من ذلك، فيقول عمرو:
إنه سيرجع إلينا، واتفق أنه أصيب ذو الكلاع يوم أصيب عمار، فقال عمرو:
لو بقي ذو الكلاع لمال بعامة قومه ولأفسد علينا جندنا.
وقتل أبو الهيثم وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى ذلك عبد الله بن عمرو بن العاص قال لأبيه: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لعمار: تقتلك الفئة الباغية فقال عمرو لمعاوية: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنحن قتلنا عمارا؟! إنما قتله الذي جاء به فألقاه تحت رماحنا وسيوفنا.
وفرح بقتل عمار أهل الشام، وقال معاوية: قتلنا عبد الله بن بديل وهاشم ابن عتبة وعمار بن ياسر، فاسترجع النعمان بن بشير وقال: والله إنا كنا نعبد