كتاب [جمع الفوائد]: " عطاء بن يسار أن معاوية باع سقاية من ذهب - أو ورق - أكثر من وزنها، فقال أبو الدرداء: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا إلا مثلا بمثل. فقال له معاوية: ما أرى بمثل هذا بأسا! فقال أبو الدرداء: من يعذرني من معاوية؟! أنا أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخبرني عن رأيه، لا أساكنك بأرض أنت بها، ثم قدم أبو الدرداء على عمر فذكر له ذلك فكتب عمر إلى معاوية أن لا يبيع ذلك إلا مثلا بمثل وزنا بوزن، للموطأ والنسائي ".
وقال الزرقاني في [شرح الموطأ] بشرحه " فقال أبو الدرداء: من يعذرني بكسر الذال المعجمة من معاوية، أي من يلومه على فعله ولا يلومني عليه؟ أو من يقوم بعذري إذا جازيته بصنعه ولا يلومني على ما أفعله به، أو: من ينصرني يقال: عذرته: إذا نصرته. أنا أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرني عن رأيه. أنف من رد السنة بالرأي وصدور العلماء تضيق عن مثل هذا وهو عندهم عظيم رد السنن بالرأي. لا أساكنك بأرض أنت بها وجائز للمرء أن يهجر من لم يسمع منه ولم يطعه، وليس هذا من الهجرة المكروهة ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن لا يكلموا كعب بن مالك حين تخلف عن غزوة تبوك، وهذا أصل عند العلماء في مجانبة من ابتداع وهجرته وقطع الكلام عنه، وقد رأى ابن مسعود رجلا يضحك في جنازة فقال: والله لا أكلمك أبدا!
قاله أبو عمر. ثم قدم أبو الدرداء من الشام على عمر بن الخطاب المدينة فذكر ذلك له، فكتب عمر بن الخطاب إلى معاوية أن لا يبيع ذلك إلا مثلا بمثل وزنا بوزن. بيان للمثل.
قال أبو عمر: لا أعلم أن هذه القصة عرضت لمعاوية مع ابن الدرداء إلا من هذا الوجه، وإنما هي محفوظة لمعاوية مع عبادة بن الصامت والطرق