أن هذا القول بإطلاقه في عمل الراوي باطل، ولو كان كذلك لما أخذ عليه المقدام في ذلك أخذة رابية، ولنورد القصة في تمام الحديث فإن في ذلك عبرة لكل محب العترة الطاهرة إلى كثير مما يستخرج من ذلك الحديث وسكتنا عنه تأسيا بالأئمة الطاهرة في السكوت عن كثير مثل ذلك، وهو حديث خالد قال:
وفد المقدام بن معد يكرب وعمرو بن الأسود رجل من بني أسد على معاوية بن أبي سفيان، فقال معاوية: أما علمت أن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما توفي؟ فترجع المقدام رضي الله تعالى عنه فقال له: يا فلان أتعدها مصيبة؟ فقال: لم لا أراها مصيبة وقد وضعه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في حجره فقال: هذا مني وحسين من علي رضي الله تعالى عنهما قال فقال الأسدي: جمرة أطفأها الله تعالى، قال فقال المقدام رضي الله تعالى عنه: أما أنا فلا أبرح اليوم حتى أغيظك وأسمعك ما تكره، ثم قال: يا معاوية إن صدقت فصدقني وإن كذبت فكذبني، قال: أفعل، قال: فأنشدك بالله هل سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نهى عن لبس الذهب؟ قال: نعم قال: فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها؟ قال: نعم، قال: فوالله لقد رأيت هذا كله في بيتك يا معاوية، فقال معاوية: قد علمت أني لن أنجو منك يا مقدام. قال خالد: فأمر له معاوية بما لم يأمر لصاحبه وفرض لابنه في المائتين، ففرقها المقدام على أصحابه ولم يعط الأسدي أحدا شيئا مما أخذ، فبلغ ذلك معاوية فقال: أما المقدام فرجل كريم بسط يده، وأما الأسدي فرجل حسن الامساك لشيئه " 1.
هذا، والجدير بالذكر هنا أن بعض أهل السنة أسقط من قصة وفود المقدام القسم التالي منها بغية تقليل الشناعة، فرواها في ترجمة الإمام الحسن السبط