ممتنعا بالنظر إلى عدم داعيه ووجود صارفه (1).
فأهل العصمة هم الذين أعانهم الله سبحانه على قهر نفوسهم الأمارة بالسوء أكمل قهر وأتمه، حتى صارت أسيرة في أيدي نفوسهم العاقلة، فلم تتلوث ذيولهم بالمحارم، ولم تتشبث عزائمهم بالأكدار والمآثم، فهم خواص الخواص وأقطاب اولي الاخلاص، وهم أهل الاستقامة المطلقة الشاملة، والعدالة الحقيقة الكاملة.
قال بعض الأعلام (2) من علمائنا العظام ونعم ما قال: إن العصمة هي العدالة المطلقة الموجبة لارتكاب الصراط المستقيم، والنهج القويم، الذي يصل صاحبه (3) بالأنوار القدسية والأسرار الجبروتية، المانعة من الميل إلى جانبي الافراط والتفريط القاهرة لدواعي الشهوة والغضب الحاكمة (4) من الوقوع على خلاف مقتضاها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده على وفق حكمته وطبق مراده.
وأما العدالة، فإنها لا تكون مانعة من الوقوع في المعصية، لأن المراد من العدالة الخاصة التجنب عن المعاصي الشرعية، وفعل الواجبات التكليفية، ومن هو موصوف بذلك جائز منه الخروج عن مقتضاها، ووقوع ضدها منه عند غرض من الأغراض بسبب استيلاء القوة الشهوية والغضبية عليه.
وهذا لا ينكره عاقل، لأن هذه العدالة لا تقتضي قهر دواعي الشهوة والغضب، وحينئذ جاز وقوع المعصية منهم وخروجهم بها عن مقتضى العدالة، ولا يكون