الله والى رسوله من الفاضل الراجح، إذ ليست محبته سبحانه وتعالى من جنس المحبة الحيوانية المزاجية، بل هي عبارة عن جذب العبد من حضيض البعد إلى أوج القرب، ومن درك الحرمان إلى سعادة الوجدان، وتبليغه مرتبة الزلفى، ونظمه في سلك المصطفين الأولياء، بسبب مبالغته في الطاعات، ومواظبته على العبادات، واستقامة قوتيه العاقلة والعاملة، وتقييدهما بقيود الشرع الأقدس، كما أشار إليه عز مجده بقوله تعالى ﴿قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله﴾ (1) ومن المستبين أنه على هذا التقدير لا يجوز أن يكون الأحب إلى الله مفضولا مرجوحا، وهو بين لا سترة به.
ثم لا يخفى عليك أنه قد استفيد من مجموع الأخبار المذكورة أنه قد اتفق للنبي (صلى الله عليه وآله) هذا المعنى في عدة أخبار لا تدافع بينها، وقد نبه على ذلك جماعة من أصحابنا وغيرهم.
الخامس: قوله (عليه السلام) (أفيكم أحد يأخذ الخمس سهم في الخاص وسهم في العام) الظاهر أن المراد أنه يأخذ من الغنيمة سهما كغيره من المجاهدين ومختص دونهم بسهم من الخمس، والله أعلم.
السادس، قولهم في جواب استفهامه (عليه السلام) (اللهم نعم، اللهم لا) للتأكيد والتقرير، واستعماله في كلام البلغاء أكثر من أن يحصى.
قال العلامة المطرزي في شرح المقامات: من ذلك ما قرأت في حديث عمر بن سعد وقد أتاه رسول عمر وقال له: كيف تركت أمير المؤمنين؟ فقال، صالحا وهو يقرؤك السلام، فقال له: ويحك لعله استأثر نفسه، فقال: اللهم لا، فقال: لعله فعل كذا، قال: اللهم لا في حديث.
ثم ذكر بعض هذا الخبر كما أسلفناه، وذكر أيضا قول صاحب المقامات في المقامة