كتاب تاريخ نيشابور، في ترجمة هارون الرشيد، نحو هذا الخبر، على ما حكاه عنه صاحب الطرائف عطر الله مرقده.
قال: ذكر هارون، رفعه إلى ميمون الهاشمي إلى الرشيد، قال: جرى ذكر آل أبي طالب (عليهم السلام) عند الرشيد، فقال: يتوهم على العوام أني أبغض عليا وولده، والله ما ذلك كما تظنون، والله تعالى يعلم شدة حبي لعلي والحسن والحسين (عليهم السلام) ومعرفتي بفضلهم، ولكنا طلبنا بثأرهم، حتى أفضى الله بهذا الأمر الينا، فقربناهم وخلطناهم، فحسدونا وطلبوا ما في أيدينا، وسعوا في الأرض فسادا.
والله لقد حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، قال: كنا ذات يوم مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ أقبلت فاطمة (عليها السلام) وهي تبكي، فقال لها: فداك أبوك ما يبكيك؟ قالت: ان الحسن والحسين خرجا، فما أدري أين باتا؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا بنية الذي خلقهما هو ألطف بهما مني ومنك، ثم رفع النبي (صلى الله عليه وآله) رأسه ويده، فقال: اللهم ان كانا أخذا برا أو بحرا، فاحفظهما وسلمهما.
فهبط جبرئيل (عليه السلام)، وقال: يا محمد لا تهتم ولا تحزن، فهما فاضلان في الدنيا والآخرة، وأبوهما خير منهما، وهما في حظيرة بني النجار نائمان، وقد وكل بهما ملكا يحفظهما.
فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتبعه أصحابه حتى أتوا الحظيرة، فإذا الحسن (عليه السلام) معانق بالحسين (عليه السلام)، وإذا الملك الموكل بهما احدى جناحيه تحتهما، والأخرى فوقهما وقد أظلهما به: فانكب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقبلهما حتى انتبها من نومهما، فجعل الحسن (عليه السلام) على عاتقه الأيمن، والحسين (عليه السلام) على عاتقه الأيسر، وجبرئيل (عليه السلام) معه حتى خرجا من الحظيرة، والنبي (صلى الله عليه وآله) يقول: والله لأشرفكما كما شرفكم الله.
فتلقاه أبو بكر فقال: يا رسول الله ناولني أحد الصبيين حتى أحمله، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): نعم المطية مطيهما، ونعم الراكبان هما، وأبوهما خير منهما، حتى أتى المسجد وأمر بلالا، فنادى بالناس فاجتمع الناس في المسجد، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله)