نزل بعمر بن الخطاب نازلة قام لها وقعد وترنح وتقطر، ثم قال: معشر المهاجرين ما عندكم فيها؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين أنت المفزع والمترع.
فغضب ثم قال: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، أما والله أنا وإياكم لنعرف ابن بجدتها (١) والخبير بها، قالوا: كأنك أردت ابن أبي طالب، قال: وأنى يعدل بي عنه، وهل طفحت (٢) جرة بمثله؟ قالوا: فلو بعثت إليه، قال: هيهات هنا شمخ من هاشم، ولحمة من الرسول، واثرة من علم يؤتى لها ولا يأتي، امضوا بنا إليه.
فمضوا نحوه وأفضوا إليه وهو في حائط له عليه ثياب، يتوكأ على مسحاته (٣)، وهو يقول: ﴿أيحسب الانسان أن يترك سدى × ألم يك نطفة من مني يمنى × ثم كان علقة فخلق فسوى﴾ (4) ودموعه تهمي على خديه، فأجهش القوم لبكائه، ثم سكن وسكنوا.
فسأله عمر عن مسألته، فأصدر إليه بجوابها، فلوى عمر يديه، ثم قال: أما والله لقد أرادك الحق ولكن أبى قومك، فقال سلام الله عليه: يا أبا حفص خفض عليك من هنا ومن هنا (ان يوم الفصل كان ميقاتا) (5) فانصرف وقد أظلم وجهه، وأنما ينظر من ليل.