وفي هذه الأخبار المتضمنة لخصف النعل كلها دلالة على استحقاقه (عليه السلام) للإمامة.
قال يحيى بن الحسن البطريق: ان النبي (صلى الله عليه وآله) إنما قال ذلك تنويها بذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) ونصا عليه من وجوه:
منها: أنه ولي الأمة بعده، لأنه قال: يضرب رقابكم على الدين بعد قوله (امتحن الله قلبه للايمان) وجعل ذلك ببعث الله سبحانه له لا من قبل نفسه، وهذا نص منه (صلى الله عليه وآله) ومن الله سبحانه على علي (عليه السلام) باستحقاقه استيفاء حق الله تعالى ممن كفر، ولا يستحق ذلك بعد النبي (صلى الله عليه وآله) الا الامام.
ودليل صحته قوله (صلى الله عليه وآله) في خبر من هذه الأخبار (مني أو قال: مثل نفسي) فدل على أن المراد بذلك التنويه باستحقاق الولاء لكونه مثل نفسه في استحقاق الولاء.
ويزيده بيانا قول عمر بن الخطاب وقسمه بالله تعالى أنه ما اشتهى الامارة الا يومئذ، والمتهنأ لا يطلب ما هو دون قدره، بدليل قوله تعالى ﴿ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم﴾ (1) فالتمني يكون بما فضل به البعض لا بما استووا فيه.
ويزيده بيانا ما تقدم في الخبر من قول أبي بكر: أنا هويا رسول الله؟ قال: لا، فقال عمر: أنا هويا رسول الله؟ قال: لا. ولو لم يعلما أن ذلك كان علامة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) تدل على مستحق الخلافة والأمر بعده ما تطاولا إلى طلب ذلك.
فان قيل: انهما إنما طلبا ذلك لأنه أمر محبوب إلى كل أحد أن يكون قد امتحن الله قلبه للايمان لا لموضع استحقاق الأمر بعده.
قلنا: الذي يدل على أنه لاستحقاق الولاء دون ما عداه قوله (صلى الله عليه وآله): ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله. فجعل القتالين سواء، لأنه (صلى الله عليه وآله) ذكرهما بكاف التشبيه، لأن انكار التأويل كانكار التنزيل، لأن منكر التنزيل