يوما في بغداد مع بعض فضلائها، فانجر الكلام إلى ذكر الإمام المهدي (عليه السلام) وما تدعيه الامامية من حياته في هذه المدة الطويلة، فشنع ذلك الفاضل وأنكره انكارا بليغا.
قال السيد (رحمه الله): فقلت له: انك تعلم أنه لو حضر اليوم رجل وادعى أنه يمشي على الماء، لاجتمع لمشاهدته كل أهل البلد، فإذا مشى على الماء وعاينوه قضوا تعجبهم منه، ثم لوجاء في اليوم الثاني آخر وقال: أنا أمشي على الماء أيضا، فشاهدوا مشيه عليه لكان تعجبهم أقل من الأول، فإذا جاء في اليوم الثالث آخر وادعى أنه يمشي على الماء أيضا، فربما لا يجتمع للنظر إليه الا قليل ممن شاهد الأولين، فإذا مشى سقط التعجب بالكلية.
فإذا جاء رابع وقال: أنا أمشي على الماء كما مشوا، فاجتمع عليه جماعة ممن شاهدوا الثلاثة الأول، ثم أخذوا يتعجبون منه تعجبا زائدا على تعجبهم الأول والثاني والثالث، لتعجب العقلاء من نقص عقولهم وخاطبوهم بما يكرهون.
وهذا بعينه حال المهدي (عليه السلام)، فإنكم رويتم أن إدريس (عليه السلام) حي موجود في السماء من زمانه إلى الان، ورويتم أن الخضر كذلك في الأرض حي موجود من زمانه إلى الان، ورويتم أن عيسى (عليه السلام) حي موجود في السماء، وأنه سيعود إلى الأرض إذا ظهر المهدي (عليه السلام) ويقتدي به.
فهذه ثلاثة نفر من البشر قد طالت أعمارهم زيادة على المهدي (عليه السلام)، فكيف لا تتعجبون منهم؟ وتتعجبون أن يكون لرجل من ذرية النبي (صلى الله عليه وآله) أسوة بواحد منهم، وتنكرون أن يكون من جملة آياته (صلى الله عليه وآله) أن يعمر واحد من عترته وذريته زيادة على ما هو المتعارف من الأعمار في هذا الزمان (1) انتهى.
وقال عطر الله مرقده في الطرائف: وأما استبعاد من يستبعد منهم ذلك لطول