عمره الشريف، فما يمنع من ذلك الا جاهل بالله وقدرته، وباخبار نبينا وعترته، أو عارف يعاند بالجحود، كما حكى الله تعالى عن قوم فقال ﴿وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا﴾ (1).
فكيف يستبعد بطول الأعمار؟ وقد تواترت كثير من الأخبار بطول عمر جماعة من الأنبياء وغيرهم من المعمرين، وهذا الخضر باق على طول السنين، وهو عبد صالح من بني آدم (عليه السلام)، ليس بنبي ولا حافظ شريعة، ولا بلطف في بقاء التكليف، فكيف يستبعد طول حياة المهدي (عليه السلام)؟ وهو حافظ شريعة جده محمد (صلى الله عليه وآله) ولطف في بقاء التكليف، وحجة في أحد الثقلين اللذين قال النبي (صلى الله عليه وآله) فيهما: انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. والمنفعة ببقائه في حالتي ظهوره واختفائه أعظم من المنفعة بالخضر.
وكيف يستبعد طول عمر المهدي (عليه السلام) من يصدق بالقرآن؟ وقد تضمن من قصة أصحاب الكهف أعجب من هذا، لأنهم مضى لهم فيما تضمنه القرآن ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا، وهم أحياء كالنيام، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم (وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) (1) لئلا تبلي جنوبهم بالأرض.
فهؤلاء مجوفون محتاجون إلى طعام وشراب، وقد بقوا هذه المدة بنص القرآن بغير طعام ولا شراب مما يأكل الناس، وبقوا بمقتضى ما تقدم من الخبر السالف عند ذكر قصة أصحاب الكهف إلى زمان محمد نبيهم (صلى الله عليه وآله)، حين بعث الصحابة على البساط للسلام عليهم، ويبقون - كما رواه الثعلبي - إلى زمن المهدي (عليه السلام) على الصفة التي تضمنها القرآن من الحياة بغير طعام مألوف ولا شراب معروف، فأيما أعجب بقاء هؤلاء، أو بقاء المهدي (عليه السلام)؟ (3) انتهى كلامه أعلى الله مقامه، وهو جيد مفيد