أقول: هذا من الأخبار المستفيضة المروية في أكثر مسانيدهم وأصحتهم (1)، وهو صريح في الإمامة، إذ لا معنى لسيد المؤمنين الا من يسودهم ويسوسهم، وليس معنى الامام الا ذلك، لأنه ذو الرئاسة العامة في الدين والدنيا بالنيابة عن النبي (صلى الله عليه وآله).
وقوله (عليه السلام) (وامام المتقين) تأكيد لذلك، فان الامام حقيقة شرعية أو عرفية في المعنى المذكور، وان أبيت الحمل على هذا المعنى وحملته على معناه اللغوي، تمت دلالته أيضا على إمامته (عليه السلام) بالمعنى المصطلح، إذ مفاد التركيب الإضافي حينئذ أنه من يقتدي به المتقون في الأقوال والأفعال، ويأخذون منه معالم الحرام والحلال، وهل هذا الا معنى الامام، كما لا يخفى على اولي الأفهام.
فان قلت: الامام بالمعنى المصطلح هومن يقتدي به جميع الأمة برها وفاجرها في أمور دينهم، ويعولون عليه في مهمات دنياهم، ولا يختص بالمتقين دون غيرهم، فما فائدة الإضافة المذكورة؟
قلت: أولا الفائدة في الإضافة الايذان باستحقاقه للإمامة، وضربه فيها بالعرف الأقوى، وأخذه من سهامها بالرقيب والمعلى، فأضافه إلى المتقين ليفهم أن أهل التقوى والصلاح من الأمة يقتدون به في جميع الأحكام، ويرجعون إليه في عامة المهام، ويعولون على أقواله وأفعاله في الحلال والحرام لمعرفتهم بجلالة قدره وشأنه، وفلج (2) حجته، وسطوع برهانه، وإحاطتهم علما بنص الله سبحانه ورسوله عليه بالإمامة والوصية نصوصا جلية وخفية.
وأما من عداهم، فلا عبرة باقتدائهم واقتفائهم، فإنهم أرقا شهواتهم وعبيد