من النسب المتكررة، ففي الأول غنى عن الثانية، إذ المعية من الجانبين البتة؟.
قلت: لعل السر في هذا التكرير المبالغة في تحقق المعية، والاشعار وتبيين الصريح من الرغوة في ذلك بدوامها وتقريرها على وجه الاطلاق وطريق العموم، فوزانه وزان التأكيد اللفظي.
ويخطر بالبال العليل أن السر فيه أن مدلول القضية الأولى مصاحبته (عليه السلام) للقرآن، وهو ليس بنص في المراد من عصمته (عليه السلام)، لاحتمال أن يراد به مداومته لقراءته وتعاهده ونحوهما، فدفع الاحتمال المذكور بالقضية الثانية (1).
ووجه اندفاعه بها أمران:
أحدهما: أن المصاحب اسم مفعول باعتباره من حيث هو كذلك ينبغي أن يكون هو أكمل المتصاحبين والمؤثر منهما بالقصد، كما يقال: صحبت الأمير، ولا يقال صحبني إلا نادرا بنوع من التوسع.
وحينئذ فاسناد المصاحبة بالاعتبار المذكور إلى القرآن لا يحسن حمله على مداومته (عليه السلام) لدرسه وقراءته والتهجد به، كما احتمل في الأولى، لأن هذا القدر يستدعي كونه (عليه السلام) مصاحبا له اسم فاعل وانه مصحوب، إذ ماله إلى مدلول القضية الأولى ومفاد الجملة السابقة، فكيف صار مصاحبا وقد كان مصحوبا بالاعتبار المذكور؟
وحينئذ يتعين حمله على أنه ناص على إمامته قاطع على خلافته، مصدق لما حكم به، شاهد بعصمته غير مفارق له في حال من الأحوال، وهو بهذا الاعتبار يحسن جعله مصاحبا اسم فاعل، ويحسن جعله (عليه السلام) مصحوبا، وذلك ما أردناه،