فأخذت له تلك السمكة، فأكلها وبرئ من مرضه وبقي في ملكه سنين بعدها.
ثم إن ذلك الملك المؤمن مرض في وقت كان جنس ذلك السمك بعينه لا يفارق الشطوط التي يسهل أخذه منها، وكانت علته مثل علة الكافر، فاشتهى تلك السمكة ووصفها له الأطباء، وقالوا: طب نفسا فهذا أوانها تؤخذ لك فتأكل منها وتبرئ، فبعث الله ذلك الملك وأمره أن يزعج جنس تلك السمكة عن الشطوط إلى اللجج لئلا يقدر عليه، فلم توجد حتى مات المؤمن بحسرته (1).
فتعجب الملائكة من ذلك وأهل ذلك البلد حتى كادوا يفتنون، لان الله تعالى سهل على الكافر ما لا سبيل إليه، وعسر على المؤمن ما كان السبيل إليه مسهلا.
فأوحى الله تعالى إلى ملائكة السماء والى نبي ذلك الزمان في الأرض: اني أنا الله الكريم المتفضل القادر، لا يضرني ما أعطي، ولا ينفعني ما أمنع، ولا أظلم أحدا مثقال ذرة.
فأما الكافر، فإنما سهلت له أخذ السمكة في غير أوانها، ليكون جزاء على حسنة كان عملها، إذ كان حقا أن لا أبطل لأحد حسنة حتى يرد القيامة، ولا حسنة في صحيفته ويدخل النار بكفره. ومنعت العابد تلك السمكة بعينها لخطيئة صدرت منه، فأردت تمحيصها عنه بمنع تلك الشهوة واعدام ذلك الدواء حتى يأتيني ولا ذنب عليه فيدخل الجنة.
فقال عبد الله بن يحيى: يا أمير المؤمنين قد أفدتني وعلمتني (2).
والأخبار في هذا المعنى كثيرة، وفيما ذكرناه كفاية، والله الهادي.