والحاصل أن العمدة في قبول العمل بعد رعاية أجزاء العبادة وشرائطها المختصة، النية الخالصة والاجتناب عن المعاصي كما قال تعالى: " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " (1) وقال سبحانه:
" إنما يتقبل الله من المتقين " (2).
قال الشيخ البهائي قدس سره: المراد بالنية الصادقة انبعاث القلب نحو الطاعة، غير ملحوظ فيه شئ سوى وجه الله سبحانه، لا كمن يعتق عبده مثلا ملاحظا مع القربة الخلاص من مؤنته أو سوء خلقه أو يتصدق بحضور الناس لغرض الثواب والثناء معا، بحيث لو كان منفردا لم يبعثه مجرد الثواب على الصدقة، وإن كان يعلم من نفسه أنه لولا الرغبة في الثواب لم يبعثه مجرد الرئاء على الاعطاء.
ولا كمن له ورد في الصلاة وعادة في الصدقات، واتفق أن حضر في وقتها جماعة فصار الفعل أخف عليه وحصل له نشاط ما بسبب مشاهدتهم، وإن كان يعلم من نفسه أنهم لو لم يحضروا أيضا لم يكن يترك العمل أو يفتر عنه البتة.
فأمثال هذه الأمور مما يخل بصدق النية، وبالجملة فكل عمل قصدت به القربة وانضاف إليه حظ من حظوظ الدنيا بحيث تركب الباعث عليه من ديني ونفسي فنيتك فيه غير صادقة، سواء كان الباعث الديني أقوى من الباعث النفسي أو أضعف أو مساويا.
قال في مجمع البيان: " ليبلوكم أيكم أحسن عملا " أي ليعاملكم معاملة المختبر بالأمر والنهي فيجازي كل عامل بقدر عمله، وقيل: ليبلوكم أيكم أكثر للموت ذكرا وأحسن له استعدادا وأحسن صبرا على موته وموت غيره وأيكم أكثر امتثالا للأوامر واجتنابا من النواهي في حال حياته، قال أبو قتادة: