الدنيا وخسر الآخرة، ورجل تعبد واجتهد وصار يرائي الناس فذاك الذي حرم لذات الدنيا من رياء ولحقه التعب الذي لو كان به مخلصا لاستحق ثوابه، فورد الآخرة وهو يظن أنه قد عمل ما يثقل به ميزانه فيجده هباءا منثورا، قيل فمن أعظم الناس حسرة؟ قال: من رأى ماله في ميزان غيره فأدخله الله به النار وأدخل وارثه به الجنة، قيل فكيف يكون هذا؟ قال: كما حدثني بعض إخواننا عن رجل دخل إليه وهو يسوق فقال له: يا فلان ما تقول في مائة ألف في هذا الصندوق ما أديت منها زكاة قط؟ قال: قلت: فعلام جمعتها؟ قال لخوف السلطان ومكاثرة العشيرة ولخوف الفقر على العيال ولروعة الزمان، قال: ثم لم يخرج من عنده حتى فاضت نفسه.
ثم قال علي عليه السلام: الحمد لله الذي أخرجه منها ملوما مليما بباطل جمعها، ومن حق منعها فأوعاها، وشدها فأوكاها، فقطع فيها المفاوز والقفار ولجج البحار.
أيها الواقف لا تخدع كما خدع صويحبك بالأمس، إن أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى ماله في ميزان غيره، أدخل الله هذا به الجنة وأدخل هذا به النار (1).
69 - وقال الصادق عليه السلام: وأعظم من هذا حسرة رجل مالا عظيما بكد شديد ومباشرة الأهوال وتعرض الأقطار ثم أفنى ماله صدقات ومبرات وأفنى شبابه وقوته عبادات وصلوات وهو مع ذلك لا يرى لعلي بن أبي طالب عليه السلام ولا يعرف له من الاسلام محله، ويرى من لا يعشره ولا يعشر عشر معشاره أفضل منه يواقف على الحجج ولا يتأملها، ويحتج عليه بالآيات والاخبار فما يزيد إلا تماديا في غيه، فذاك أعظم من كل حسرة، ويأتي يوم القيامة و صدقاته ممثلة له في الأفاعي تنهشه، وصلواته وعبادته ممثلة في مثل الزبانية تدفعه، حتى تدعه إلى جهنم دعا.
يقول: يا ويلي ألم أك من المصلين، ألم أك من المزكين، ألم أك عن