فكم يا إلهي من عبد ناداك: رب إني مغلوب فانتصر ففتحت من نصرك له أبواب السماء بما منهمر، وفجرت له من عونك عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر، وحملته من كفايتك على ذات ألواح ودسر، يا من إذا ولج العبد في ليل من حيرته بهيم، ولم يجد له صريخا يصرخه من ولي حميم، وجد من معونتك صريخا مغيثا، ووليا يطلبه حثيثا ينجيه من ضيق أمره وحرجه، ويظهر له أعلام فرجه.
اللهم فيا من قدرته قاهرة، ونقماته قاصمة لكل جبار، دامغة لكل كفور ختار أسألك نظرة من نظراتك رحيمة تجلي بها ظلمة عاكفة مقيمة في عاهة جفت منها الضروع، وتلفت منها الزروع وانهلت من أجلها الدموع، واشتمل لها على القلوب اليأس، وجرت بسببها الأنفاس.
إلهي فحفظا حفظا لغرايز غرسها وشربها بيد الرحمن، ونجاتها بدخول الجنان أن تكون بيد الشيطان تحز، وبفأسه تقطع وتجز.
إلهي فمن أولى منك بأن يكون عن حريمك دافعا، ومن أجدر منك بأن يكون عن حماك مانعا، إلهي إن الامر قد هال فهونه، وخشن فألنه، وإن القلوب كاعت فطمنها، والنفوس ارتاعت فسكنها.
إلهي إلهي تدارك أقداما زلت، وأفهاما في مهامه الحيرة ضلت، إن رأت جبرك على كسيرها، وإطلاقك لأسيرها، وإجارتك لمستجيرها، أجحف الضر بالمضرور، ولبى داعيه بالويل والثبور، فهل تدعه يا مولاي فريسة للبلاء، وهو لك راج؟ أم هل يخوض لجة الغماء وهو إليك لاج؟
مولاي إن كنت لا أشق على نفسي في التقى، ولا أبلغ في حمل أعباء الطاعة مبلغ الرضا، ولا أنتظم في سلك قوم رفضوا الدنيا: فهم خمص البطون من الطوى ذبل الشفاه من الظما، عمش العيون من البكاء، بل أتيتك بضعف من العمل، وظهر ثقيل بالخطايا والزلل، ونفس للراحة معتادة، ولدواعي الشر منقادة.
أفما يكفيني يا رب وسيلة إليك وذريعة لديك أنني لأولياء دينك موال وفي محبتهم مغال، ولجلباب البلاء فيهم لابس، ولكتاب تحمل العناء