الخالية، وأبره يا مبير الأمم الظالمة (1) واخذله يا خاذل الفئات الباغية، وابتره عمره وابتزه ملكه، وعف أثره، واقطع خبره، وأطفئ ناره وأظلم نهاره، وكور شمسه، وأهشم شدته (2) وجذ سنامه (3) وأرغم أنفه، ولا تدع له جنة إلا هتكتها، ولا دعامة إلا قصمتها ولا كلمة مجتمعة إلا فرقتها، ولا قائمة علو إلا وضعتها، ولا ركنا إلا وهنته، ولا سببا إلا قطعته.
وأره أنصاره وجنده عباديد بعد الألفة، وشتى بعد اجتماع الكلمة، ومقنعي الرؤوس بعد الظهور على الأمة، واشف بزوال أمره القلوب المنقلبة الوجلة والأفئدة اللهفة، والأمة المتحيرة، والبرية الضائعة، وأدل ببواره الحدود المعطلة، والاحكام المهملة، والسنن الدائرة، والمعالم المغيرة (4) والآيات المحرفة والمدارس المهجورة، والمحاريب المجفوة، والمساجد المهدومة.
وأشبع به الخماص الساغبة، وأرو به اللهوات اللاغبة، والأكباد الظامئة، و أرح به الاقدام المتعبة، واطرقه بليلة لا أخت لها، وساعة لا شفاء منها، وبنكبة لا انتعاش معها، وبعثرة لا إقالة منها، وأبح حريمه، ونغص نعمته (5) وأره بطشتك الكبرى، ونقمتك المثلى، وقدرتك التي هي فوق كل قدرة، وسلطانك الذي هو أعز من سلطانه، واغلبه لي بقوتك القوية، ومحالك الشديد، وامنعني بمنعتك التي كل خلق فيها ذليل، وابتله بفقر لا تجبره، وبسوء لا تستره، وكله إلى نفسه فيما يريد، إنك فعال لما تريد.