حاجب المتوكل وكان شيعيا أنه قال: كان المتوكل لحظوة (1) الفتح بن خاقان عنده وقربه منه دون الناس جميعا، ودون ولده وأهله، أراد أن يبين موضعه عندهم.
فأمر جميع مملكته من الاشراف من أهله وغيرهم، والوزراء والامراء والقواد، وسائر العساكر، ووجوه الناس، أن يزينوا بأحسن التزيين، ويظهروا في أفخر عددهم وذخائرهم، ويخرجوا مشاة بين يديه، وأن لا يركب أحد إلا هو والفتخ بن خاقان خاصة بسر من رأى، ومشى الناس بين أيديهما على مراتبهم رجالة، وكان يوما قائظا شديد الحر، وأخرجوا في جملة الاشراف أبا الحسن علي بن محمد عليهما السلام وشق ما لقيه من الحر والزحمة.
قال زرافة: فأقبلت إليه وقلت له: يا سيدي يعز والله على ما تلقى من هذه الطغاة، وما قد تكلفته من المشقة، وأخذت بيده فتوكأ على وقال: يا زرافة ما ناقة صالح عند الله بأكرم مني أو قال: بأعظم قدرا مني، ولم أزل أسائله وأستفيد منه، و أحادثه إلى أن نزل المتوكل من الركوب، وأمر الناس بالانصراف.
فقدمت إليهم دوابهم فركبوا إلى منازلهم، وقدمت بغلة له فركبها وركبت معه إلى داره فنزل وودعته وانصرفت إلى داري،: ولولدي مؤدب يتشيع من أهل العلم والفضل، وكانت لي عادة بإحضاره عند الطعام، فحضر عند ذلك وتجارينا الحديث، وما جرى من ركوب المتوكل والفتح، ومشي الاشراف وذوي الاقدار بين أيديهما، وذكرت له ما شاهدته من أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام وما سمعته من قوله " ما ناقة صالح عند الله بأعظم قدرا مني ".
وكان المؤدب يأكل معي فرفع يده وقال: بالله إنك سمعت هذا اللفظ منه؟ فقلت له: والله إني سمعته يقوله، فقال لي: اعلم أن المتوكل لا يبقى في مملكته أكثر من ثلاثة أيام، ويهلك، فانظر في أمرك وأحرز ما تريد إحرازه وتأهب لأمرك كي لا يفجؤكم هلاك هذا الرجل فتهلك أموالكم بحادثة تحدث