عليه أين لجأ، فمعاذ المظلوم منا بك، وتوكل المقهور منا عليك، ورجوعه إليك، ويستغيث بك إذا خذله المغيث، ويستصرخك إذا قعد عنه النصير، ويلوذ بك إذا نفته الأفنية، ويطرق بابك إذا غلقت دونه الأبواب المرتجة، ويصل إليك إذا احتجبت عنه الملوك الغافلة. تعلم ما حل به قبل أن يشكوه إليك وتعرف ما يصلحه قبل أن يدعوك له فلك الحمد سميعا بصيرا لطيفا قديرا.
اللهم إنه قد كان في سابق علمك وقضائك، وماضي حكمك ونافذ مشيتك في خلقك أجمعين، سعيدهم وشقيهم، وفاجرهم وبرهم، أن جعلت لفلان بن فلان على قدرة فظلمني بها، وبغى علي لمكانها، وتعزز على بسلطانه الذي خولته إياه، وتجبر على بعلو حاله التي جعلتها له وغره إملاؤك له، وأطغاه حلمك عنه.
فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه، وتعمدني بشر ضعفت عن احتماله، ولم أقدر على الانتصار لضعفي، والانتصاف منه لذلي، فوكلته إليك وتوكلت في أمره عليك، وتواعدته بعقوبتك، وحذرته سطوتك، وخوفته نقمتك فظن أن حلمك عنه من ضعف، وحسب أن إملاءك له من عجز، ولم تنهه واحدة عن أخرى، ولا انزجر عن ثانية بأولى، ولكنه تمادى في غيه، وتتابع في ظلمه ولج في عدوانه، واستشرى في طغيانه، جراءة عليك يا سيدي، وتعرضا لسخطك الذي لا ترده عن القوم الظالمين، وقلة اكتراث ببأسك الذي لا تحبسه عن الباغين.
فها أنا ذا يا سيدي مستضعف في يديه، مستضام تحت سلطانه، مستذل بعقابه، مغلوب مبغي علي مقصود وجل خائف مروع مقهور، قد قل صبري وضاقت حيلتي، وانغلقت علي المذاهب إلا إليك، وانسدت علي الجهات إلا جهتك والتبست علي أموري في رفع مكروهه عني، واشتبهت علي الآراء في إزالة ظلمه وخذلني من استنصرته من عبادك، وأسلمني من تعلقت به من خلقك طرا، واستشرت نصيحي فأشار علي بالرغبة إليك، واسترشدت دليلي فلم يدلني إلا عليك.