المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن " (1) إلى قوله جل وعز: " واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون " فحكم الله في هذا أن النساء لا يرددن إلى الكفار، وإذا امتحنوا بمحنة الاسلام أن تحلف المرأة " بالله الذي لا إله إلا هو، ما حملها على اللحاق بالمسلمين بغضا لزوجها الكافر أو حبا لاحد من المسلمين، وإنما حملها على ذلك الاسلام " فإذا حلفت وعرف ذلك منها، لم ترد إلى الكفار، ولم تحل للكافر وليس للمؤمن أن يتزوجها ولا تحل له، حتى يرد على زوجها الكافر صداقها فإذا رد عليه صداقها حلت له وحل له مناكحتها.
وهو قوله جل وعز: " وآتوهم ما أنفقوا " يعني آتوا الكفار ما أنفقوا عليهن.
ثم قال: " ولا جناح عليهم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر " ثم قال: " واسئلوا ما أنفقتم على نسائكم " الذي يلحقن بالكفار " ذلكم حكم الله يحكم بينكم " ثم قال: " وإن فاتكم شئ من أزواجكم إلى الكفار " فاطلبوا من الكفار ما أنفقتم عليهن فان امتنع به عليكم " فعاقبتم " أي أصبتم غنيمة فليؤخذ من أول الغنيمة قبل القسمة ما يرد على المؤمن الذي ذهبت امرأته إلى الكفار، فرضي بذلك المؤمنون ورضي به الكافرون.
فهذه هي القصة في هذه السورة، فنزلت هذه الآية في هذا المعنى في سنة ست من الجهرة، وأما في أول السورة فهي قصة حاطب بن أبي بلتعة أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يصير إلى مكة، فقال: اللهم أخف العيون والاخبار على قريش، حتى نبغتها في دارها، وكان عيال حاطب بمكة فبلغ قريشا ذلك فخافوا خوفا شديدا فقالوا لعيال حاطب اكتبوا إلى حاطب ليعلمنا خبر محمد صلى الله عليه وآله فان أرادنا لنحذره، فكتب حاطب إليهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله يريدكم، ودفع الكتاب إلى امرأة فوضعته في قرونها.
فنزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وأعلمه الله ذلك، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين والزبير بن العوام، فلحقاها بعسفان ففتشاها فلم يجدا معها شيئا