فقال الزبير: ما نجد معها شيئا فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: والله ما كذبني رسول الله صلى الله عليه وآله ولا كذب جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله لتظهرن الكتاب فرده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله لحاطب: ما هذا؟ فقال: يا رسول الله، والله ما غيرت ولا بدلت، ولأنا فقت، ولكن عيالي كتبوا إلى فأحببت أن إداري قريشا ليحسنوا معاش عيالي ويرفقوا بهم.
وحاطب رجل من لخم وهو حليف لأسد بن عبد العزى، فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله أؤمرني بضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اسكت فأنزل الله عز وجل " يا أيها الذين امنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة " إلى قوله: " والله بما تعملون بصير " (1) ثم أطلق لهم فقال:
" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم " إلى قوله: " ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون " (2) فإلى هذا المكان من هذه السورة نزل في سنة ثماني من الهجرة، حيث فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكة، والذي ذكرنا في قصة المرأة المهاجرة نزل في سنة ست من الهجرة، فهذا دليل على أن التأليف ليس على ما أنزل الله.
ومثله في سورة النساء في قوله عز وجل: " وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة " (3) وليس هذه من الكلام الذي قبله في شئ، وإنما كانت العرب إذا ربت يتيمة يمتنعون من أن يتزوجوا بها، فيحرمونها على أنفسهم، لتربيتهم لها فسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وعن ذلك بعد الهجرة فأنزل الله عليه في هذه السورة " ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان " (4) " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " فهذه الآية