الحالة، ولا فيه شئ يجتذب به الشمس والقمر من أماكنهما.
فلما لزم النفس على ما ذكرنا كذلك لزوم العلم للنفس بأن ليس في العالم حجر يجذب الشجر من أماكنها، ويشق به البحور، ويحيى به الأموات.
وأيضا فان حجر المقناطيس لما كان موجودا في العالم، طلب دون الحاجة إليه حتى بدروا عليه، لما فيه من الأعجوبة وخاصة لا رادة التلبث به، واستخراج نصل السهم من البدن بذلك، فلو كان فيه حجر أو شئ يجذب الشجر، فإنه كان أعز من حجر المقناطيس، وكان سبيله سبيل الجواهر وغيرها، لا يخفى على من في العالم خبرها.
كالجوهر الذي يقال له: الكبريت الأحمر، ولعزته ضرب به المثل فقيل:
أعز من الكبريت الأحمر، وكانت الملوك أقدر على هذا الحجر، كما هم أقدر على ما عز من الأدوية وغيرها من الأشياء العزيزة، فلما لم يكن من هذا أثر عندهم ولا خبر لكونه، بطل أن يكون له كون أو وجود، ولو كان، كيف كان الرسل وأوصياؤهم عليه، مع فقرهم وعجزهم في الدنيا وما فيها، ويكون معروف المنشأ ولم يغب عنهم طويلا.
فصل: ثم إن النبي صلى الله عليه وآله لما دعا الشجرة، وكذا وصي من أوصيائه، ردها إلى مكانها، فان جذبها شئ وردها لا شئ، كان ردها آية عظيمة، وإن كان شئ كان معه فذلك محال، من قبل أن ذلك الشئ يضاد ما جذبها، فإذا كان الجذب به فامساكها وردها لم يجب أن يكون به، أو معه فلا يرده، لأنه يوجب أن تكون مقبلة مدبرة، وذلك محال.
ولان الحجر لو كان فيه ما ذكروا، لكان فيه آية له، لأنه ليس في العالم مثله، فهو خارج عن العرف كخروج مجئ الشجرة بدعائه، وقد أنبع الله لموسى من الحجر الماء فانبجست من الحجر اثنتا عشرة عينا، لكل سبط عين، والحجارة يتفجر منها الأنهار، فلما كان حجر موسى خارجا عن عادات الناس، كان دليلا على نبوته، وليس في الحجر ما يمكن به نقل الجبال والمدن.