بمعجزات النبي والأئمة عليهم السلام وكثير من أحكام الشريعة، فيقطع على أنه مستدل عليه، وهذا أصح. والأدلة في أن الأول فعل الله أو فعل العباد قائمة كافية، وإذا كان كذلك وجب التوقف، وتجويز كل واحد منهما.
والخبر إذا لم يكن ما يجب وقوع العلم عنده، واشتراك العقلاء فيه، وجاز وقوع الشبهة عليه، فهو أيضا صحيح على وجه، وهو أن يرويه جماعة قد بلغت من الكثرة إلى حد لا يصح معه أن يتفق فيها، وأن يعلم مضافا إلى ذلك أنه لم يجمعهم على الكذب جامع كالتواطئ أو ما يقوم مقامه، ويعلم أيضا أن اللبس والشبهة زائلان عما خبروا عنه.
هذا إذا كانت الجماعة تخبر بلا واسطة عن المخبر، فإن كان بينهما واسطة وجب اعتبار هذه الشروط في جميع من خبرت عنه من الجماعات حتى يقع الانتهاء إلى نفس المخبر، وإذا صحت هذه الجملة في صحة الخبر الذي لابد أن يكون المخبر صادقا من طريق الاستدلال بنينا عليها صحة المعجزات وغيرها من أحكام الشرع.
فصل: وقد ذكرنا من قبل أنهم كثيرا ما يوردون السؤال علينا، ويقولون:
قد جاء في العالم حجر يجذب الحديد إلى نفسه، فلم يجب اتباع من يجذب الشجر إلى نفسه، كذلك، إذ لا نأمن أن يكون معه شئ مما يفعل به ذلك، ويؤكدون قولهم بأن المقرين لمعجزات الرسل لم يمتحنوا قوى الخلق، ولم يعرفوا نهايته ولم يقعوا على طبائع العالم، وكيف يستعان بها على الافعال، ولم يحيطوا علما بأكثرهم، ولم يأتهم في مظانهم، ولا امتحنوا قواهم، ومبالغ حيلهم، ومخرقة أصحاب الخفة، وأشكالهم.
الجواب عنه أن يقال: قد لزم النفس العلم لزوما لا يقدر على دفعه، بأن ما ذكروا ليس في العالم، كما لزمها العلم بأن ليس في العالم حجر إدا أمسكه الانسان عاش أبدا، وإذا وضعه على الموات عاد حيوانا، وإذا وضعه على العين العميا عادت صحيحة، ولا فيه ما يرد الرجل المقطوعة، ولا ما به يزال الزمانة