أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم " (1) يخبرهم بما يريدون في أنفسهم وما يهمون به، وكعرضه تمني الموت على اليهود في قوله " فتمنوا الموت إن كنتم صادقين " وقوله " ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم " (2) فعرفوا صدقه فلم يجسر أحدهم أن يتمنى الموت لأنه قال لهم " إن تمنيتم الموت متم " فدل جميع ذلك على صدقه باخباره عن الضمائر، وكذا ما ذكرناه من معجزات الأوصياء، فدل على صدقهم وكونهم حججا لله.
فان قيل: فما الدليل على أن أسباب الحيل مفقودة في أخباركم حتى حكمتم بصحة كونها معجزة؟
قلنا: كثير من تلك المعجزات لا يمكن فيها الحيل مثل انشقاق القمر، وحديث الاستسقاء، وإطعام الخلق الكثير من الطعام اليسير، وخروج الماء من بين الأصابع والاخبار بالغائبات قبل كونها، ومجيئ الشجرة ثم رجوعها إلى مكانها، لا تتم الحيلة فيها، وإنما تتم الحيلة في الأجسام الطفيفة التي يحدث بالتطفل والقسر وغير ذلك، ولا يتم مثله في الشجرة والجبل، لأنه لو كان لوجب أن يشاهد.
فان قيل: يجوز أن يكون هيهنا جسم يجذب الشجرة كما أن هيهنا حجرا يجذب الحديد يسمى المقناطيس.
قلنا: لو كان الامر كذلك لعثر عليه، ولظفر به مع تطاول الزمان، كما عثر على حجر المقناطيس، حتى علمه كل واحد، فلو جاز ما قالوه للزم أن يقال:
ها هنا حجر يجذب الكواكب ويقلع الجبال من أماكنها، وإذا قربت من ميت عاش فيؤدى ذلك إلى أن لا نتيقن بشئ أصلا، ويؤدي ذلك إلى الجهالات وكان ينبغي أن يطعن بذلك أعداء الدين ومخالفو الاسلام لأنهم إلى ذلك أشغف وكذلك القول في خروج الماء من بين أصابعه إن ادعى طبيعة فيه أو حيلة لزم تجويز ذلك في قلع الجبال، وجذب الكواكب، وإحياء الموتى، وكل ذلك فاسد، وحنين الجذع لا يمكن أن يدعى أنه كان لتجويف فيه، لأنه لو كان كذلك لعثر عليه مع