فائدة قال في الذكرى: يستحب أن يقصد الامام التسليم على الأنبياء والأئمة و الحفظة والمأمومين لذكر أولئك وحضور هؤلاء، والصيغة صيغة خطاب والمأموم يقصد بأولى التسليمتين الرد على الامام، فيحتمل أن يكون على سبيل الوجوب لعموم قوله: ﴿وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها﴾ (1) ويحتمل أن يكون على سبيل الاستحباب، لأنه لا يقصد به التحية، وإنما الغرض بها الايذان بالانصراف من الصلاة كما مر في خبر أبي بصير، وجاء في خبر عمار بن موسى (2) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التسليم ما هو؟ فقال: هو إذن، والوجهان ينسحبان في رد المأموم على مأموم آخر، وروى أمامة عن سمرة قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله أن نسلم على أنفسنا وأن يسلم بعضنا على بعض، وعلى القول بوجوب الرد يكفي في القيام به واحد، فيستحب الباقي.
وإذا اقترن تسليم المأموم والامام أجزأ ولا يجب ردها وكذلك إذا اقترن تسليم المأمومين لتكافؤهم في التحية، ويقصد المأموم بالثانية الأنبياء والحفظة و المأمومين، وأما المنفرد فيقصد بتسليمه ذلك، ولو أضاف تسليمتين.
أقول: كأنه يرى أن التسليمتين ليستا للرد، بل هما عبادة محضة متعلقة بالصلاة، ولما كان الرد واجبا في غير الصلاة لم يكف عنه تسليم الصلاة، وإنما قدم الرد لأنه واجب مضيق إذ هو حق الادمي، والأصحاب يقولون إن التسليمة تؤدي وظيفتي الرد والتعبد به في الصلاة، كما سبق مثله في اجتزاء العاطس في حال رفع رأسه من الركوع بالتحميد عن العطسة وعن وظيفة الصلاة، وهذا يتم حسنا على القول باستحباب التسليم، وأما على القول بوجوبه فظاهر الأصحاب أن الأولى من المأموم للرد على الامام، والثانية للاخراج من الصلاة، ولهذا احتاج إلى تسليمتين.