الكثيرة المستفيضة الدالة على عدم إعادة الصلاة بتركها نسيانا، وتجب في الفريضة الثنائية وفي الأوليين من غيرها الحمد عند علمائنا أجمع على ما نقله جماعة من الأصحاب وهل يتعين الفاتحة في النافلة؟ الأقرب ذلك وقال في التذكرة: لا تجب قراءة الفاتحة فيها للأصل، والأصوب اشتراط الفاتحة فيها كسائر واجبات الصلاة إلا ما أخرجه الدليل.
ولا خلاف بين الأصحاب في جواز الاقتصار على الحمد وحدها في النوافل مطلقا وفي الفرائض عند الضرورة كالخوف والمرض وضيق الوقت، ونقل الاتفاق على ذلك العلامة في المنتهى والمحقق في المعتبر، واختلفوا في وجوب السورة عند عدم الضرورة فذهب الأكثر إلى الوجوب، والشيخ في النهاية وابن الجنيد وسلار والمحقق في المعتبر إلى الاستحباب، ومال إليه في المنتهى واختاره جماعة من المتأخرين والاخبار في ذلك متعارضة فبعضها يدل على وجوب السورة الكاملة، وأكثر الأخبار المعتبرة تدل على عدم الوجوب: فبعضها يدل على عدم وجوب السورة أصلا، وبعضها على جواز الاكتفاء ببعض السورة وهي أكثر.
ويظهر من الشيخ في المبسوط وابن الجنيد الميل إلى هذه الأخبار، والقول بوجوب شئ مع الحمد إما سورة كاملة أو بعض سورة قال في المبسوط قراءة سورة بعد الحمد واجب على أنه إن قرء بعض السورة لا نحكم ببطلان الصلاة، وقال ابن الجنيد:
ولو قرئ بأم الكتاب وبعض سورة في الفرائض أجزء، وهذا مما يضعف استدلال أكثر المتأخرين بتلك الأخبار تمسكا بعدم القول بالفصل، وبالجملة القول بعدم وجوب السورة الكاملة قوي من حيث الاخبار، والاحتياط يقتضي عدم ترك السورة إلا عند الاضطرار، وإنما عدل الأكثر عن تلك الأخبار إلى الوجوب، لأن عدم الوجوب قول المخالفين إلا شاذا منهم، وهذا مما يؤكد الاحتياط.
وهذا الخبر مما استدل به على الوجوب، وأجاب القائلون بالاستحباب بأن دلالته بالمفهوم ولا يعارض المنطوق، ويمكن حمله على الاستحباب، بل يمكن أن يستدل به على الندب إذ الاستعجال أعم من أن يكون لحاجة ضرورية أو غيرها، مع أن مفهومه ثبوت البأس عند عدمه، وهو أعم من الحرمة.