من أن يبعث الأشياء بيده، إن لله تبارك وتعالى ملكين (1) خلاقين، فإذا أراد أن يخلق خلقا أمر أولئك الخلاقين فأخذوا من التربة التي قال الله عز وجل: في كتابه " منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى " (2) فعجنوها بالنطفة المسكنة في الرحم، فإذا عجنت النطفة بالتربة، قالا: يا رب ما تخلق؟ قال:
فيوحي الله تبارك وتعالى ما يريد من ذلك ذكرا أو أنثى مؤمنا أو كافرا أسود أو أبيض، شقيا أو سعيدا فان مات سالت منه تلك النطفة بعينها لا غيرها، فمن ثم صار الميت يغسل غسل الجنابة (3).
بيان: قال الوالد قدس الله روحه: لا يستبعد أن يكون النطفة أو بعضها محفوظة، أو المراد بالنطفة الروح الحيواني، والمراد أنه لما خرج منه صار نجسا فيجب تطهيره بالغسل، أو أنه لما كان إنسانا بالروح النفيسة اللطيفة، فلما فارقت البدن وجب تداركه بالغسل، حتى يصير قابلا للصلاة عليه وقربه من رحمة الله.
أقول: الأظهر أن المراد أن الماء الغليظ الذي يخرج من عينه لما كان شبيها بالنطفة، فلذا يغسل غسل الجنابة (4) وقد مضى بعض الأخبار في باب علل