فقال بعض القوم: يا رسول الله صلى الله عليه وآله عجبا لعبد الله بن رواحة وتعرضه في غير موطن للشهادة، فلم يرزقها حتى يقبض على فراشه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
ومن الشهيد من أمتي؟ فقالوا: أليس هو الذي يقتل في سبيل الله مقبلا غير مدبر؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن شهداء أمتي إذا لقليل، الشهيد الذي ذكرتم، والطعين والمبطون، وصاحب الهدم والغرق، والمرأة تموت جمعا.
قالوا: وكيف تموت جمعا يا رسول الله؟ قال: يعترض ولدها في بطنها.
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وآله فوجد عبد الله بن رواحة خفة فأخبر النبي صلى الله عليه وآله فوقف فقال: يا عبد الله حدث بما رأيت، فقد رأيت عجبا، فقال: يا رسول الله رأيت ملكا من الملائكة بيده مقمعة من حديد تأجج نارا كلما صرخت صارخة " يا جبلاه " أهوى بها لهامتي، وقال أنت جبلها فأقول لا بل الله، فيكف بعد إهوائها وإذا صرخت صارخة " يا عزاه " أهوى بها لهامتي وقال أنت عزها، فأقول: لا بل الله فكيف بعد إهوائها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: صدق عبد الله فما بال موتاكم يبتلون بقول أحيائكم (1).
بيان: عجز هذا الحديث يخالف بعض أصولنا، وسيأتي عدم تعذيب الميت ببكاء الحي، ولعل الخبر على تقدير صحته محمول على أن الميت كان مستحقا ببعض أعماله لنوع من العذاب، فعذب بهذا الوجه، أو فعل ذلك به لتخفيف سيئاته أو لأنه كان آمرا أو راضيا به، ولعل الخبر عامي.
وقال في النهاية في حديث الشهداء: والمرأة تموت بجمع أي تموت وفي بطنها ولد، وقيل التي تموت بكرا، والجمع بالضم بمعنى المجموع كالذخر بمعنى المدخور، ويكسر الكسائي الجيم، والمعنى أنها ماتت مع شئ مجموع فيها غير منفصل عنها من حمل أو بكارة.
31 - مصباح الأنوار: عن ابن أبي رافع، عن أبيه، عن أمه سلمى قال:
اشتكت فاطمة عليها السلام بعدما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله بستة أشهر قالت: فكنت أمرضها