جاء إلي رسولك بكتابك، فقرأته وفهمت جميع ما ذكرته وسألت عنه، وزعمت انك بليت بولاية الأهواز فسرني ذلك وساءني وسأخبرك بما ساءني من ذلك وما سرني إن شاء الله تعالى.
فأما سروري بولايتك فقلت: عسى أن يغيث الله ملهوفا خائفا من أولياء آل محمد ويعز بك ذليلهم، ويكسو بك عاريهم، ويقوي بك ضعيفهم، ويطفئ بك نار المخالفين عنهم، وأما الذي ساءني من ذلك فان أدنى ما أخاف عليك تغيرك بولي لنا فلا تشيم حظيرة القدس، فاني ملخص لك جميع ما سألت عنه إن أنت عملت به ولم تجاوزه رجوت أن تسلم إن شاء الله تعالى.
أخبرني أبي - يا عبد الله - عن آبائه، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصحية سلبه الله لبه.
واعلم أني سأشير عليك برأي إن أنت عملت به تخلصت مما أنت متخوفه واعلم أن خلاصك ونجاتك من حقن الدماء، وكف الأذى عن أولياء الله، والرفق بالرعية والتأني وحسن المعاشرة مع لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف، ومداراة صاحبك، ومن يرد عليك من رسله، وارتق فتق رعيتك بأن توقفهم على ما وافق الحق والعدل إنشاء الله. إياك والسعاة وأهل النمائم فلا يلتزقن منهم بك أحد ولا يراك الله يوما ولا ليلة وأنت تقبل منهم صرفا ولا عدلا فيسخط الله عليك، ويهتك سترك، واحذر ما لخوز الأهواز، فان أبي أخبرني، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: إن الايمان لا يثبت في قلب يهودي ولا خوزي أبدا.
فأما من تأنس به وتستريح إليه، وتلجئ أمورك إليه، فذلك الرجل الممتحن المستبصر الأمين، الموافق لك على دينك، وميز عوامك، وجرب الفريقين فان رأيت هنالك رشدا فشأنك وإياه، وإياك أن تعطي درهما أو تخلع ثوبا أو تحمل على دابة في غير ذات الله تعالى لشاعر أو مضحك أو متمزح إلا أعطيت مثله في ذات الله، ولتكن جوائزك وعطاياك وخلعك للقواد والرسل والأجناد وأصحاب الرسايل وأصحاب الشرط والأخماس، وما أردت أن تصرفه في وجوه