حق يراد بها باطل، نعم لا حكم إلا لله، ولكن هؤلاء يقولون: لا إمرة، وإنه لابد للناس من أمير: بر أو فاجر: يعمل في إمرته المؤمن ويستمتع فيها الكافر ويبلغ الله فيها الأجل، ويجمع به الفئ ويقاتل به العدو، وتأمن به السبل ويؤخذ به للضعيف من القوي حتى يستريح بر ويستراح من فاجر، وفي رواية أخرى لما سمع تحكيمهم قال: حكم الله أنتظر فيكم، وقال: أما الامرة البرة فيعمل فيها التقي وأما الامرة الفاجرة فيتمتع فيها الشقي إلى أن تنقطع مدته وتدركه منيته (1).
ومن كلام له عليه السلام: لما عوتب على التسوية في العطاء: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه؟ والله لا أطور به ما سمر سمير، وما أم نجم في السماء نجما، لو كان المال لي لسويت بينهم فكيف وإنما المال مال الله، ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو يرفع صاحبه في الدنيا، ويضعه في الآخرة ويكرمه في الناس ويهينه عند الله، ولم يضع امرؤ ماله في غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم، وكان لغيره ودهم، فان زلت به النعل يوما فاحتاج إلى معونتهم فشر خدين وألام خليل (2).
وقال عليه السلام: في وصيته للحسن عليه السلام إذا تغير السلطان تغير الزمان (3).
73 - كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي: عن القزاز، عن علي بن هشام، عن أبيه، عن يزيد بن عبد الرحمان، عن العشفني قال: دخلت الرحبة وأنا غلام في غلمان فإذا أنا بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قائم على ذهب وفضة، ومعه مخفقة فجعل يطرد الناس بمخفقته، ثم رجع إلى المال فقسمه بين الناس، حتى لم يبق منه شئ، ورجع ولم يحمل إلى بيته شيئا، فرجعت إلى أبي فقلت: فقد رأيت اليوم خير الناس أو أحمق الناس قال: ومن هو يا بني؟ قلت: رأيت أمير المؤمنين عليا عليه السلام فقصصت الذي رأيته يصنع قال: يا بني رأيت خير الناس.