بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٢ - الصفحة ٢٧٠
لنفسك ما نهيت النمام عنه، فلا تحكي نميمه، فتقول: فلان قد حكى لي كذا و كذا فتون به نماما ومغتابا فتكون قد أتيت بما نهيت عنه، وقد روي عن علي عليه السلام أن رجلا أتاه يسعى إليه برجل فقال: يا هذا نحن نسأل عما قلت، فان كنت صادقا مقتناك، وإن كنت كاذبا عاقبناك، وإن شئت أن نقيلك أقلناك، قال أقلني يا أمير المؤمنين، وقال الحسن: من نم إليك نم عليك، وهذه إشارة إلى أن النمام ينبغي أن يبغض ولا يوثق بصداقته، وكيف لا يبغض وهو لا ينفك من الكذب والغيبة والغدر والخيانة والغل والحسد والنفاق والافساد بين الناس والخديعة، وهو ممن سعى في قطع ما أمر الله تعالى به أن يوصل، قال الله تعالى " ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض " (1) وقال تعالى " إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق " (2) والنمام منهم.
وبالجملة فشر النمام عظيم، ينبغي أن يتوقى، قيل: باع بعضهم عبدا و قال للمشتري ما فيه عيب إلا النميمة، قال: رضيت به، فاشتراه فمكث الغلام أياما ثم قال لزوجة مولاه: إن زوجك لا يحبك، وهو يريد أن يتسرى (3) عليك فخذي الموسى واحلقي من قفاه شعرات حتى أسحر عليها فيحبك، ثم قال للزوج: إن امرأتك اتخذت خليلا وتريد أن تقتلك، فتناوم لها حتى تعرف، فتناوم فجاءته المرأة بالموسى فظن أنها تقتله، فقام وقتلها. فجاء أهل المرأة وقتلوا الزوج، فوقع القتال بين القبيلتين وطال الامر.

(١) البقرة: ٢٧.
(٢) الشورى: ٤٢.
(3) التسري: اخذ السرية - كالذرية - وهي المرأة التي تتخذها لعبة لك سرا عن زوجتك.
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست