هذا على أن الأجسام متماثلة (1)، فلو كان شئ منها قادرا لذاته لكان الكل قادرا لذاته وبناء هذه المقدمة على تماثل الأجسام.
وأما المقدمة الثالثة وهي قولهم: هذه القدرة التي لنا لا تصلح لخلق الأجسام، فوجب أن لا تصلح القدرة الحادثة لخلق الأجسام وهذا أيضا ضعيف، لأنه يقال لهم: لم لا يجوز حصول قدرة مخالفة لهذه القدرة الحاصلة لنا، وتكون تلك القدرة صالحة لخلق الأجسام؟ فإنه لا يلزم من عدم وجود الشئ في الحال امتناع وجوده، فهذا تمام الكلام في هذه المسألة.
المسألة الثالثة عشر: اختلفوا في أن الجن هل يعلمون الغيب؟ وقد بين الله تعالى في كتابه أنهم بقوا في قيد سليمان عليه السلام وفي حبسه بعد موته مدة وهم ما كانوا يعلمون موته، وذلك يدل على أنهم لا يعلمون الغيب، ومن الناس من يقول: إنهم يعلمون الغيب، ثم اختلفوا فقال بعضهم: إن فيهم من يصعد إلى السماوات أو يقرب منها و يتلقى بعض تلك الغيوب (2) على ألسنة الملائكة، ومنهم من قال: إن لهم طرقا أخرى في معرفة الغيوب عن الله تعالى (3).
اعلم أن فتح الباب في مثل هذه المباحث لا يفيد إلا الظنون والحسبانات، والعالم بحقائقها هو الله سبحانه وتعالى (4).
وقال أيضا في تفسير سورة الجن: اختلف الناس قديما وحديثا في ثبوت الجن ونفيه، فالنقل الظاهر عن أكثر الفلاسفة إنكاره، وذلك لأن أبا علي بن سينا قال في رسالته في حدود الأشياء: الجن حيوان هوائي متشكل بأشكال مختلفة، ثم قال: وهذا شرح للاسم.
فقوله: فهذا شرح للاسم، يدل على أن هذا الحد شرح المراد من هذا اللفظ