القول بالجن ظاهر الاحتمال، وتكون قدرتها على التشكل بالاشكال المختلفة ظاهرة الاحتمال.
القول الثاني: قول من قال: الأجسام متساوية في تمام الماهية، والقائلون بهذا المذهب أيضا فرقتان: الفرقة الأولى الذين زعموا أن البنية ليست شرطا في الحياة وهذا قول الأشعري وجمهور أتباعه، وأدلتهم في هذا الباب ظاهرة قوية، قالوا: لو كانت البنية شرطا في الحياة (1) لكان إما أن يقال: إن الحياة الواحدة قامت بمجموع الاجزاء، أو يقال قام بكل واحدة من الاجزاء حياة واحدة على حدة، والأول محال لأن حلول العرض الواحد في المحال الكثيرة دفعة واحدة غير معقول.
والثاني أيضا باطل لأن الأجزاء التي منها تألف الجسم متساوية والحياة القائمة بكل واحد منها متساوية للحياة القائمة بالجزء الآخر، وحكم الشئ حكم مثله، فلو افتقر قيام الحياة بهذا الجزء إلى قيام تلك الحياة بذلك الجزء يحصل (2) هذا الافتقار من الجانب الآخر، فيلزم وقوع الدور، وهو محال، وإن لم يحصل هذا الافتقار فحينئذ ثبت أن قيام الحياة بهذا الجزء لا يتوقف على قيام الحياة الثانية بذلك الجزء الثاني، وإذا بطل هذا التوقيف (3) ثبت أنه يصح كون الجزء الواحد موصوفا بالحياة والعلم وفي القدرة والإرادة وبطل القول بأن البنية شرط، قالوا: وأما دليل المعتزلة وهو أنه لا بد من البنية فليس إلا الاستقراء، وهو أنا رأينا أنه متى فسدت البنية بطلت الحياة، ومتى لم تفسد بقيت الحياة، فوجب توقف الحياة على حصول البنية، إلا أن هذا ركيك، فان الاستقراء لا يفيد القطع بالوجوب، فما الدليل على أن حال ما لم يشاهد كحال ما شوهد وأيضا فلان هذا الكلام إنما يستقيم على قول من ينكر خرق العادات، أما من يجوزها فهذا لا يتمشى على مذهبه، والفرق بينهما في جعل بعضها على سبيل العادة وجعل بعضها على سبيل الوجوب تحكم محض لا سبيل إليه، فثبت أن البنية ليست شرطا في الحياة