على صدقه صلى الله عليه وآله وكيف يجوز أن يكون المرض من فعلهم؟! ولو قدروا على ذلك لقتلوه وقتلا كثيرا من المؤمنين مع شده عداوتهم لهم!
وقال في قوله سبحانه " ومن شر النفاثات في العقد " معناه: ومن شر النساء الساحرات اللاتي ينفثن في العقد. وإنما امر بالتعوذ من شر السحرة لايهامهم أنهم يمرضون ويصحون ويفعلون أشياء (1) من النفع والضرر والخير والشر وعامة الناس يصدقونهم، فيعظم بذلك الضرر في الدين، ولأنهم يموهون (2) أنهم يخدمون الجن ويعلمون الغيب، وذلك فساد في الدين ظاهر، فلأجل هذا الضرر امر بالتعوذ من شرهم.
وقال أبو مسلم: النفاثات النساء اللاتي يملن آراء الرجال ويصرفنهم عن مرادهم ويردونهم إلى آرائهن، لأن العزم والرأي يعبر عنهما بالعقد، فعبر عن حلهما بالنفث، فإن العادة جرت أن من حل عقدا نفث فيه.
" ومن شر حاسد إذا حسد " فإنه يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود، فامر بالتعوذ من شره. وقيل: إنه أراد من شر نفس الحاسد ومن شر عينه فإنه ربما أصاب بهما فعان وضر. وقد جاء في الحديث أن العين حق. وقد مضى الكلام فيه.
وروي أن العضباء ناقة النبي صلى الله عليه وآله لم تكن تسبق، فجاء أعرابي على قعود له فسابق بها فسبقها، فشق ذلك على الصحابة، فقال النبي صلى الله عليه وآله: حق على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه، وروى أنس أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من رأى شيئا يعجبه فقال:
" الله الصمد، ما شاء الله لا قوة إلا بالله " لم يضر شيئا. وروى أنس أن النبي صلى الله عليه وآله كان كثيرا ما يعوذ الحسن والحسين عليهما السلام بهاتين السورتين - انتهى - (3).