وقال البيضاوي: المراد بالسحر ما يستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان مما لا يستقل به الانسان، وذلك لا يستتب إلا لمن يناسبه في الشرارة وخبث النفس، فإن التناسب شرط في التضام والتعاون، وبهذا يميز الساحر عن النبي والولي.
وأما ما يتعجب منه كما يفعله أصحاب الحيل بمعونة الآلات والأدوية أو يريه صاحب خفة اليد فغير مذموم، وتسميته سحرا على التجوز، أو لما فيه من الدقة لأنه في الأصل لما خفي سببه (1).
وقال الشيخ - قدس سره - في التبيان: قيل في معنى السحر أربعة أقوال: أحدها أنه خدع ومخاريق وتمويهات لا حقيقة لها، يخيل إلى المسحور أن لها حقيقة.
والثاني أنه أخذ بالعين على وجه الحيلة. والثالث أنه قلب الحيوان من صورة إلى صورة، وإنشاء الأجسام على وجه الاختراع، فيمكن الساحر أن يقلب الانسان حمارا وينشئ أجساما. والرابع أنه ضرب من خدمة الجن. وأقرب الأقوال الأول لأن كل شئ خرج عن العادة الجارية فإنه سحر لا يجوز أن يتأتى من الساحر، ومن جوز شيئا من هذا فقد كفر، لأنه لا يمكن مع ذلك العلم بصحة المعجزات الدالة على النبوات، لأنه أجاز مثله على جهة الحيلة والسحر (2).
وقال النيسابوري: السحر في اللغة عبار عن كل ما لطف مأخذه وخفي سببه، ومنه الساحر العالم، وسحره خدعه، والسحر الرئة. وفي الشرع مختص بكل أمر يختفي سببه ويتخيل على غير حقيقته، ويجري مجرى التمويه والخداع. وقد يستعمل مقيدا فيما يمدح ويحمد، وهو السحر الحلال. قال صلى الله عليه وآله: إن من البيان لسحرا.
ثم السحر على أقسام: منها سحر الكلدانيين الذين كانوا في قديم الدهر، وهم قوم يعبدون الكواكب ويزعمون أنها هي المدبرة لهذا العالم، ومنها تصدر الخيرات