شئ في قولهم إلا بصره، وهو معنى خارج عن ذلك. قال: والحق أن الله يخلق عند بصر العاين إليه وإعجابه (به) إذا شاء ما شاء من ألم أو هلكة، وقد يصرفه قبل وقوعه بالاستعاذة أو بغيرها، وقد يصرفه بعد وقوعه بالرقية أو بالاغتسال أو بغير ذلك انتهى كلامه -.
وفيه: (بعض) ما يتعقب، فإن الذي مثل بالأفعى لم يرد أنها تلامس المصاب حتى يتصل به من سمها، وإنما أراد أن جنسا من الأفاعي اشتهر أنها إذا وقع بصرها على الانسان هلك، فكذلك العاين. وليس مراد الخطابي بالتأثير المعنى الذي تذهب إليه الفلاسفة، بل ما أجرى الله به العادة من حصول الضرر للمعيون. وقد أخرج البزاز بسند حسن عن جابر رفعه قال: أكثر من يموت بعد قضاء الله وقدره بالنفس. قال الراوي: يعني بالعين. وقد أجرى الله العادة بوجود كثير من القوى والخواص في الأجسام والأرواح، كما يحدث لمن ينظر إليه من يحتشمه من الخجل، فترى في وجهه حمرة شديدة لم تكن قبل ذلك، وكذا الاصفرار عند روية من يخافه، وكثير من الناس يسقم بمجرد النظر إليه ويضعف قواه، وكل ذلك بواسطة ما خلق الله تعالى في الأرواح من التأثيرات، ولشدة ارتباطها بالعين نسب الفعل إلى العين، وليست هي المؤثرة، وإنما التأثير للروح. والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وكيفياتها وخواصها، فمنها ما يؤثر في البدن بمجرد الرؤية من غير اتصال به، لشدة خبث تلك الروح وكيفيتها الخبيثة.
والحاصل أن التأثير بإرادة الله تعالى وخلقه ليس مقصورا على الاتصال الجسماني، بل يكون تارة به، وتارة بالمقابلة، وأخرى بمجرد الرؤية، وأخرى بتوجه الروح كالذي يحدث من الأدعية والرقى والالتجاء إلى الله تعالى، وتارة يقع ذلك بالتوهم والتخيل. والذي يخرج من عين العاين سهم معنوي إن صادف بدنا لا وقاية له أثر فيه، وإلا لم ينفذ السهم بل ربما رد على صاحبه كالسهم الحسي سواء.
وقال في بيان السحر: قال الراغب وغيره: السحر يطلق على معان: أحدها