نار الحر الشديد النافذ في المسام، ولا يمتنع خلق الحياة في الأجرام البسيطة كما لا يمتنع خلقها في الجواهر المجردة، فضلا عن الأجساد المؤلفة التي الغالب فيها الجزء الناري، فإنها أقبل لها من التي الغالب فيها الجزء الأرضي، وقوله: من نار " باعتبار الجزء الغالب كقوله " خلقكم من تراب " (1).
وقال الرازي: اختلفوا في أن الجان من هو؟ قال عطاء: عن ابن عباس:
يريد إبليس، وهو قول الحسن ومقاتل وقتادة.
وقال ابن عباس في رواية أخرى: الجان هو أبو الجن، وهو قول الأكثرين وسمي جانا لتواريه عن الأعين كما سمي الجن جنا لهذا السبب (2)، والجنين متوار في بطن أمه، ومعنى الجان في اللغة الساتر من قولك جن الشئ إذا ستره فالجان المذكور هنا يحتمل أن يكون جانا لأنه يستر نفسه عن بني (3) آدم أو يكون من باب الفاعل الذي يراد به المفعول، كما تقول في لابن وتامر وماء دافق وعيشة راضية، واختلفوا في الجن فقال بعضهم إنه جنس غير الشياطين، والأصح أن الشياطين قسم من الجن، فكل من كان منهم مؤمنا فإنه لا يسمى بالشيطان، وكل من كان منهم كافرا يسمى بهذا الاسم.
والدليل على صحة ذلك أن لفظ الجن مشتق من الاجتنان بمعنى الاستتار فكل من كان كذلك كان من الجن.
والسموم في اللغة الريح الحارة تكون بالنهار، وقد تكون بالليل، وعلى هذا فالريح الحارة فيها نار ولها لهب، على ما ورد في الخبر أنها من فيح جهنم (4) قيل:
سميت سموما لأنها بلطفها تدخل مسام البدن، وهي الخروق الخفية التي تكون