177 - وعن ابن مسعود قال: لما كان ليلة الجن أقبل عفريت من الجن في يده شعلة من نار فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ القرآن فلا يزداد إلا قربا، فقال له جبرئيل:
ألا أعلمك كلمات تقولهن ينكب منها لفيه وتطفئ شعلته؟ قل: أعوذ بوجه الله الكريم وكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر طوارق الليل ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن.
فقالها فانكب لفيه وطفيت شعلته (1).
تتمة: تشمل على فوائد جمة: الأولى: لا خلاف بين الامامية بل بين المسلمين في أن الجن والشياطين أجسام لطيفة يرون في بعض الأحيان ولا يرون في بعضها، ولهم حركات سريعة وقدرة على أعمال قوية ويجرون في أجساد بني آدم مجرى الدم، وقد يشكلهم الله بحسب المصالح بأشكال مختلفة وصور متنوعة كما ذهب إليه السيد المرتضى رضي الله عنه، أو جعل الله لهم القدرة على ذلك كما هو الأظهر من الأخبار والآثار.
قال صاحب المقاصد: ظاهر الكتاب والسنة وهو قول أكثر الأمة أن الملائكة أجسام لطيفة نورانية قادرة على التشكلات بأشكال مختلفة كاملة في العلم والقدرة على الأفعال الشاقة - وساق الكلام إلى قوله: - والجن أجسام لطيفة هوائية متشكل بأشكال مختلفة ويظهر منها أفعال عجيبة، منهم المؤمن والكافر والمطيع والعاصي والشياطين أجسام نارية شأنها إلقاء النفس في الفساد والغواية بتذكير أسباب المعاصي واللذات وإنساء منافع الطاعات وما أشبه ذلك على ما قال تعالى حكاية عن الشيطان:
" وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم " (2) وقيل: تركيب الأنواع الثلاثة من امتزاج العناصر الأربعة إلا أن الغالب على الشيطان عنصر النار، وعلى الآخرين عنصر الهواء، وذلك أن امتزاج العناصر قد لا يكون على القرب من الاعتدال بل على قدر صالح من غلبة أحدهما، فان كانت الغلبة