" واني أعيذها بك " قال البيضاوي: أجيرها بحفظك " الرجيم ": المطرود، وأصل الرجم: الرمي بالحجارة، وعن النبي صلى الله عليه وآله: " ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل من مسه إلا مريم وابنها " ومعناه أن الشيطان يطمع في اغواء كل مولود بحيث يتأثر منه إلا مريم وابنها، فان الله تعالى عصمها (1) ببركة هذه الاستعاذة (2).
" إنما ذلك الشيطان يخوف " قال الرازي: قوله: " الشيطان " خبر " ذلكم " بمعنى إنما ذلكم المثبط هو الشيطان " يخوف أولياء، " جملة مستأنفة بيان لشيطنته أو الشيطان صفة لاسم الإشارة، ويخوف الخبر، والمراد بالشيطان الركب، وقيل: نعيم بن مسعود وسمي شيطانا لعتوه وتمرده في الكفر، كقوله: " شياطين الإنس والجن " وقيل: هو الشيطان يخوف أولياءه بالوسوسة (3).
وقال في قوله سبحانه: " إن كيد الشيطان كان ضعيفا " لأن الله ينصر أولياءه والشيطان ينصر أولياءه، ولا شك أن نصرة الشيطان لأوليائه أضعف من نصرة الله لأوليائه ألا ترى أن أهل الخير والدين بقي ذكرهم الحميد على وجه الدهر وإن كانوا حال حياتهم في غاية الفقر والذلة، وأما الملوك والجبابرة فإذا ماتوا انقرضوا (4) ولا يبقى في الدنيا رسمهم ولا ظلمهم " والكيد ": السعي في فساد الحال على جهة الحيلة، وفائدة إدخال " كان " للتأكيد لضعف كيده، يعني أنه منذ كان كان موصوفا بالضعف والذلة (5).
وقال البيضاوي: " ولولا فضل الله عليكم ورحمته " بارسال الرسول وإنزال الكتاب " لاتبعتم الشيطان " بالكفر والضلال " إلا قليلا " إلا قليلا منكم تفضل الله عليه بعقل راجح اهتدى به إلى الحق والصواب وعصمه عن متابعة الشيطان، كزيد بن نفيل